السبت، 29 نوفمبر 2025


حديثٌ بين القلب والحُلم

النادي الملكي للأدب والسلام 

حديثٌ بين القلب والحُلم

بقلم الشاعرة المتالقة : حنان الجوهري

 حديثٌ بين القلب والحُلم

في ساعةٍ خاشعةٍ من الليل،

حيث يسكن الصخب وتعلو أنفاس الروح،

جلس القلب أمام الحلم كطفلٍ أمام نورِ شمعةٍ

يخاف أن يلمسها… ويخاف أكثر أن تنطفئ.

نظر إليه بعينٍ تمتلئ دهشةً ورهبةً قائلاً:

أيها الحلم… لِمَ تبتعد كلما اقتربتُ منك؟

أراك أمامي، لكن المسافة بيننا

تُقاس باليقين لا بالخطوات.

ابتسم الحلم ابتسامةً شفافة

تفهم الضعف دون أن تُخجل صاحبه، ثم قال:

لا أهرب منك أيها القلب،

بل أتقدّم منك بالقدر الذي تتقدّم أنت فيه.

فالحُلم ليس هدفًا يُدرَك،  

إنه مرآة تعكس ما تستطيع أن تكونه.

ارتجف القلب رجفةَ صدقٍ قائلاً:

لكنني أتعب… أركض برغبةٍ كاملة،

وأسقط من أول حجر،

وأخشى أن أكون السبب في تأخّرك أو غيابك.

أجاب الحلم بصوتٍ يشبه

انسياب الحرير على الماء:

وهل أدنو منك إلا حين تسقط؟

وهل أظهر لك إلا حين تصبح الأرض من تحتك درسًا؟

أيها القلب…

لولا تعبك ما عرف الإنسان معنى الوصول،

ولولا السقوط ما عرف النهوضَ

على قدمين لا ترتجفان.

تنفّس القلب بعمقٍ قائلاً:
قل لي إذن… ماذا أفعل لأراك بوضوح؟
ماذا تحتاج كي تقترب أكثر؟

قال الحلم بصوتٍ آتٍ من أعماق الحكمة:
أن تُصدّق أنك تستحقّني.
الحُلم لا يبتعد لأن الطريق صعب،
بل لأن القلب لا يثق في قدرته على الوصول.

اقترب الحلم خطوةً نحو النور،
وقال بصوتٍ يشبه المناجاة:
أيها القلب… أنا لستُ شيئًا بعيدًا عنك،
أنا الجزء الأجمل منك،
الذي لم تأذن له أن يولد بعد.
فإن وثقتَ بي… خرجتُ منك إلى الحياة.

سكت القلب طويلاً،
كأنه يسمع نفسه للمرة الأولى،
ثم قال بهدوء:
يا حُلمي. هل تنتظرني؟

وضع الحلم يده على كتف الروح قائلاً:
لقد خُلِقتُ لأنتظرك.
ما من حلمٍ يترك قلبًا آمن به يومًا.
تحرّك… ولو خطوة صغيرة،
فأنا أقترب منك بقدر ما تتقدّم،
وأُشرق لك… بقدر ما تُصدّق.
بقلم : حنان الجوهري
توثيق : وفاء بدارنة 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق