الأربعاء، 26 نوفمبر 2025


على رفوف الزمن

النادي الملكي للأدب والسلام 

على رفوف الزمن

بقلم الكاتب اامتألق : محمد الشريف 

على رفوف الزمن

بقلم: محمد الشريف

على رفوف الزمن، حيث تتجاور الكتب، كأنها شواهد على أعمارٍ مضت، أضع اليوم كتابًا غريب العنوان، عميق الدلالة: "كناسة الدكان بعد انتقال السكان".


ليس هذا الكتاب مجرد أوراق متناثرة جمعها لسان الدين ابن الخطيب أثناء منفاه، بل هو مرآة لزمنٍ مضطرب، وصوت وزيرٍ أندلسي يكتب من وراء الجدران، مُحاولًا أن يخلّد ما تبقى من ذاكرة السياسة والأدب.


ابن الخطيب، الذي كان يومًا وزيرًا وصاحب قرار في بلاط بني الأحمر، وجد نفسه فجأة خارج أسوار السلطة، مطارداً، بظلال السياسة ومكائدها. هناك، في عزلة المنفى، لم يجد سوى القلم ليكون. سنده ورفيقه، فجاء هذا الكتاب ليجمع بين الحكاية الشخصية والتاريخ العام، وليغدو النص أشبه بصرخة مثقفٍ فقد سلطانه، لكنه لم يفقد قدرته على صياغة المعنى.


في "كناسة الدكان"، تتجاور الملاحظات السياسية مع التأملات الأدبية، وتلتقي الشذرات الفكرية مع الذكريات اليومية. إنه نص يشي بأن الكاتب أراد أن يترك أثرًا، ولو في صورة أوراق متناثرة، كي لا يطوي النسيان تجربته، ومن خلاله نلمح صورة المثقف الأندلسي الذي عاش بين المجد والانكسار، بين السلطة والمنفى، بين الحلم والخذلان.


هكذا يصبح الكتاب أكثر من مجرد أثر أدبي؛ إنه شهادة على زمنٍ كامل، وعلى رجلٍ حمل هموم عصره في قلبه، وأودعها في صفحاتٍ بقيت.  لتروي للأجيال قصة المثقف حين يُقصى، لكنه يصرّ أن يكتب كي لا يُمحى.

توثيق : وفاء بدارنة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق