*** التائب. ***
النادي الملكي للأدب والسلام
*** التائب. ***
بقلم الشاعرة المتألقة: زهراء شاكر الركابي
*** التائب. ***
كان يسير بين الناس،
لكنه لم يكن منهم.
عيناه تحملان وطأة عمرٍ من الذنوب،
وصدره يئنّ من صمتٍ طويل… لم يصرخ،
لكن الله سمعه.
اسمه مراد،
وكان اسمه يضحك حين يُنادى،
لكنه لم يعرف يومًا معنى المراد.
في شبابه،
أضاع قلبه بين الشوارع،
وملأ يديه من الحرام ما جفف روحه،
وتنكّر لوجه أمّه الطاهر،
حتى ماتت…
ولم تُغلق عيناها إلا على دمعٍ بارد
من خيبة.
ظلّ بعدها يعيش،
لكنّه لم يكن حيًّا.
كان النوم عنده موتًا مؤقتًا،
والصحو حسابًا بلا ميزان.
وفي ليلةٍ،
وبينما يجلد نفسه بكأسٍ آخر،
مرّت آيةٌ من مذياع صدئ:
"قل يا عباديَ الذين أسرفوا على أنفسهم، لا تقنطوا من رحمة الله"
فارتجفت روحه…
كأنّها سقطت من شاهقٍ إلى حضنٍ.
بكى…
لأول مرة منذ سنين.
بكى وكأنّ كل دمعةٍ منه
تحمل اسم ذنبٍ،
وحسرة أمّ،
ووجع ضمير.
في الفجر التالي،
دخل المسجد بثوبٍ بسيط،
وجلَس في الخلف،
يرتجف كطفلٍ ضائعٍ وجد أمه.
صلّى…
وعاد قلبه ينبض.
ومنذ ذلك اليوم،
صار وجهه يُشبه الدعاء،
وصوته لا يخرج إلا بالحمد.
لم يصبح وليًا،
ولا ادّعى الكمال،
لكنّه كل يوم…
كان يترك مع كل سجدة
أثرًا من ذنوبه،
ويحمل من الله نورًا
يجعله يسير بين الناس…
من جديد.
بقلم : زهراء الركابي
توثيق: وفاء بدارنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق