( أكتب كي لا أختنق )
النادي الملكي للأدب والسلام
( أكتب كي لا أختنق )
بقلم الشاعر المتألق: عمر أحمد العلوش
( أكتب كي لا أختنق )
أنا أكتب، لا لأنني عبقري، ولا لأن الكلمات تتسابق إليّ كل صباح، بل لأنني لو لم أفعل، سأختنق بما تراكم في داخلي.
أكتب يومياً، حتى حين تبدو الفكرة مكسورة، أو حين لا أجد سوى فتات ذاكرة عابرة. لا أنتظر الإلهام، فقد تعلمت أنه لا يأتي لمن ينتظره، بل لمن يذهب إليه، ولو حبواً.
أبدأ من تفاصيل لا يلاحظها أحد ، نظرة عتب، جملة قيلت بصوتٍ خافت، خيبة لم تصرخ لكنها بقيت معلقة في صدري.
ألتقطها بلغتي ، بعيوبي، بشكي ، بما تيسر من صدق، ثم أعود إليها لاحقاً، أرممها، أو أتركها كما هي مجروحة وصادقة.
أكتب ليس رفاهية، بل لأنجو ، تمشي الحروف في داخلي قبل أن تمشي على الورق، إن الكتابة تُهذبني قبل أن تُجملني.
أنا أتعلم الكتابة كما أتعلم الحياة ، بخساراتها وإنكساراتها ومرارتها ، أكتب لا لأُبهر أحداً، بل لأنصت لما أخشاه في داخلي.
أكتب جملة لا تُرضيني، ثم أخرى تُشبهني، ثم واحدة تشبه الألم الذي أسكنه ويسكنني. الصدق وحده ما أبحث عنه، لا البلاغة.
أكتب حتى وإن خانتني الكلمات، أكتب عن صوتٍ تردد في وجداني ، عن لحظةٍ انكسرت فيها دون أن يراني أحد، عن ذاكرة اصطدمت بي فجأة، وأربكت يومي.المهم أن أواجه الصفحة، وأن أقول ما يمكن قوله. لهذا أكتب، كل يوم، كي لا أفقد صوتي بين الضجيج. الكتابة بالنسبة لي ليست لحظة إلهام، بل طقس حياة.
أنا لا أكتب فقط لأكون كاتباً، بل لأفهمني، لأواجهني،
لأطرد الغبار عن روحي العالقة في صدري، لأقول ما لا يُقال.
كل يوم أكتب ، أزرع فيّ نبتة جديدة، وكل يوم يمر دون كتابة، يمضي بي إلى الوراء، إلى الصمت الذي لا يُنقذ. الكتابة موقف من خوفي، من ذاكرتي، من وجودي.
هي طريقتي لأن أقول: أنا هنا... بكلمة، بحرف، بصمتٍ مكتوب.
كنت عنونت مقالي هذا
( أكتب كي لا أختنق ) لكن مازلت
في إختناق .
✍️ بقلمي: عمر أحمد العلوش
توثيق: وفاء بدارنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق