*** محكمة الدم. ***
النادي الملكي للأدب والسلام
*** محكمة الدم. ***
بقلم الشاعرة المتألقة: زهراء شاكر
*** محكمة الدم. ***
في البصرة،
حيث النخيلُ يئنّ من ثِقَلِ الظلال،
قامت امرأةٌ تحمل في عينيها
مرايا العقول.
اسمُها بان،
طبيبةٌ تعرف أنّ العقل ميزان،
وأنّ الكلمة قد تكون حياةً أو موتًا.
كتبت تقريرًا كحدِّ السيف:
لا جنونَ هنا،
القاتلُ عاقل،
والعقلُ شاهدٌ على القتل.
ارتجف الكرسيُّ العالي،
وتصبّب العرشُ خوفًا،
فمَن يُدين قاتلًا
يُدين حاشيةً كاملة،
ومَن يفضح الكذب
يهدّد قصورًا بدمار.
فجاءها الموتُ من باب بيتها،
موتٌ بلا وجه،
لكن رائحته تشبهُ رائحةَ الفساد.
وأُطفئت حياتُها
كما تُطفأ شمعةٌ في مهبّ ريحٍ مسموم.
ثمّ كتبوا في الصحف:
انتحرت!
كانت مريضةً نفسيّة،
لم تحتمل!
أيُّ كذبٍ هذا؟
أيُّ طمسٍ للدم؟
كيف يُقال للطبيبةِ العاقلة
إنّها ضحيةُ عقلها،
وهي التي كانت تحمي العقول من الظلام؟
لكنّ الحقيقةَ لا تُدفن،
حتى لو وارَوا جسدَها تحت تُراب الصمت.
الحقيقةُ تخرجُ من أفواهنا صرخةً:
بان لم تنتحر،
بان اغتيلت،
بان قتلتها أيدي سلطةٍ
خشيت من كلمةٍ على ورق.
ألا يا سارة،
يا شهيدةَ العام الماضي،
ها هي أختكِ في الدرب،
تُضاف إلى قافلة النور،
وتحملان معًا رايةَ الدم.
يا كرسيّ البصرة،
أيّها الملطّخ بدموع الأمهات،
إلى متى ستجلسُ على جثث النساء؟
أتعلم أنّ التاريخ لا يرحم،
وأنّ الدم إذا جَفّ
يصيرُ محكمةً لا تُغلق أبوابها؟
بان،
اسمُكِ سيبقى
فوق أبواب المستشفيات،
في قاعات القضاء،
على شفاه المظلومين،
وفي قلوبِ كلِّ من آمن
أنّ الطبَّ رسالةٌ،
وأنّ العدلَ لا يُشترى.
لكنّ صوتكِ،
يا طبيبةَ العقل،
أقوى من موتهم،
وأبقى من كذبهم،
وأصدقُ من عرشٍ
ينهار في وحل الدم.
بقلم : زهراء شاكر
توثيق: وفاء بدارنة


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق