الأربعاء، 13 أغسطس 2025


📜 غَزَّةُ... تَبْكِي بِصَمْتِ الْأَنْبِيَاءِ 🕯️

النادي الملكي للأدب والسلام 

📜 غَزَّةُ... تَبْكِي بِصَمْتِ الْأَنْبِيَاءِ 🕯️

بقلم الشاعر المتألق: الأثوري محمد عبد المجيد الأثوري 

📜 غَزَّةُ... تَبْكِي بِصَمْتِ الْأَنْبِيَاءِ 🕯️

🌙 ليستْ غزةُ هنا ساحةَ حربٍ فحسب،

بل مئذنةٌ وحيدةٌ في ليلٍ طويل،

تُصلّي بصمت،

وتُطعمُ أبناءَها من ذاكرةِ الخبز،

وتَسقيهِم من حكاياتِ الصبر.


إنها النبيلةُ التي تموتُ واقفةً،

ترفضُ أن تُسْقِطَ رأسَها،

ولو تَحتَ جنازيرِ الأرض.

---

✒️ نص القصيدة

أَنَا غَزَّةُ...

لَا تَفَتَّشُوا عَنْ اسْمِي فِي الْخَرَائِطِ،

فَأَنَا أُقِيمُ فِي قَلْبِ الْحِصَارِ،

أُصْبِحُ وَالسَّمَاءُ مَطْعُونَةٌ،

وَأُمْسِي وَالأَرْضُ تَتَوَضَّأُ بِالدِّمَاءِ.


أَنَا النَّشِيدُ الَّذِي كَسَرَتْهُ أَنْيَابُ الصَّمْتِ،

وَأَنَا الْقَصِيدَةُ الْمَكْتُوبَةُ

بِدَمِ الْجِيَاعِ عَلَى جُدْرَانِ الرَّمَادِ.

---

جَاعَ أَطْفَالِي...

وَمَا جَاعَتِ الذِّئَابُ عَلَى التُّخُومِ.

صَارَ رَغِيفُ الْخُبْزِ أُسْطُورَةً،

وَكَأْسُ الْحَلِيبِ حُلْمًا يُحَاصِرُهُ الْمَوْتُ.

حَتَّى أَذَانُ الْفَجْرِ أَصْبَحَ يَتِيمًا،

يَدْعُو النَّهَارَ بِلا أَجْوِبَةٍ.

---

أَنَا غَزَّةُ...

أَتَسَاءَلُونَ: أَبَكَيْتِ؟

كَلَّا... فَالْبُكَاءُ رِفَاهِيَةُ الْمَحْظِيِّينَ،

أَمَّا أَنَا،

فَقَدْ بَلَّلْتُ التُّرَابَ بِدَمْعِي،

وَنِمْتُ عَلَى قَبْرِي أَلْفَ سَنَةٍ،

وَحِينَ صَحَوْتُ،

كَانَتِ السَّمَاءُ أَكْثَرَ يُتْمًا مِنِّي.

---

أَنْظُرُ إِلَى وَلَدِي،

شَفَتَاهُ تَتَشَقَّقُ مِنَ «الْمَاءِ الَّذِي لَا يَجِيء»،

فَأُسَافِرُ بِهِ فِي حِكَايَاتِ الشُّهَدَاءِ،

لَعَلَّ الْجُوعَ يَغْفُو قَلِيلًا.

---

أُحَاوِرُ اللَّهَ كَثِيرًا:

«أَمَا آنَ لِهَذَا اللَّيْلِ أَنْ يُقْصَفَ؟

أَنْ يُكْسَرَ؟

أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْنَا صَبَاحُ الْعَادَاتِ الْبَسِيطَةِ؟»

وَأَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ...

لَكِنَّ بَعْضَ الْبَشَرِ،

سُدَّتْ فِي صُدُورِهِمْ أَبْوَابُ الْقُلُوبِ.

---

أَنَا غَزَّةُ...

وَمَنْ بَقِيَ مِنْ أَطْفَالِي

يَمْشُونَ حُفَاةً فَوْقَ الشَّوْكِ،

وَيَبْتَسِمُونَ،

هَلْ رَأَيْتَ مَلَائِكَةً

تَتَعَلَّمُ مَعْنَى الصَّبْرِ؟

هُمْ أَطْفَالِي.

---

فَإِذَا كَتَبْتُمْ قَصَائِدَ عَنِّي،

فَلَا تَكْتُبُوا عَنِ الْبُطُولَةِ فَقَطْ،

بَلْ عَنِ الطُّفُولَةِ

الَّتِي تَأْكُلُ مِنَ التُّرَابِ،

وَتَضْحَكُ وَالرَّمَادُ يَتَنَاثَرُ مِنْ أَكُفِّهَا.

---

وَإِذَا مَرَرْتُمْ بِي يَوْمًا،

لَا تَقُولُوا: «كَمْ كَانَتْ حَزِينَةً»،

بَلْ قُولُوا:

«كَمْ كَانَتْ نَبِيلَةً،

وَكَمْ أَوْجَعَتْنَا وَهِيَ تَمُوتُ وَاقِفَةً

كَأَلْفِ وَطَنٍ.» 🕊️

---

✍️ الأثوري محمد عبد المجيد الأثوري

توثيق: وفاء بدارنة 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق