سيدةُ الخلاصِ ۞
النادي الملكي للأدب والسلام
سيدةُ الخلاصِ ۞
بقلم الشاعر المتألق: فتحي فايز الخريشا
سيدةُ الخلاصِ ۞
الدُّعاءُ الثَّانِي
يا حبيبتي…
أيَّتها المُتسربلةُ بالرَّحمةِ فوق أكفِّ الميزان…
ها هُمْ أحبَّتك المُستضعفُون…
ها هُم مُرتحِلُون في قبضةِ أشباح الخريف…
غرباء في الأرضِ تتبعهم كلابٌ وذئاب…
يتناهشهم تجارُ النّخاسةِ وأمراءُ الاقتِتال…
العُسْرَةُ تقتاتهُم بأنيابِ الإملاق…
يُعرّي البؤسُ أجسادَهُم تحت ضوءِ الشّمس…
ناخرًا فيها عناصرَ التوحش والأوجاع…
كأنهم أشجارٌ عبثت بها العواصف، حاتّة عنها الأوراق…
مكسرة أغضانهاالخضرَاءِ لِضِرَامِ النَّار…
من غائِرِ التراب مجتثة جذورها لناخرة الجفاف…
أنّهم يتساقطون كالحَمائِم على حدِّ السكين…
كبيض الطيور في أفواهِ الأفاعي يبتلعون…
ها هُمْ…
قيثاراتُ أحزانٍ لزُؤامِ نشيجِ الموت…
تعصف على أوتارِها رِيحُ الأنِينِ معزوفة ألمِ الوادع الأخير…
الوداعُ المُضرج بِذَهْلِ الصدمةِ من أحقادِ الناسِ على الناس…
تعصف بمرارةِ الرَّحيلِ لفراقٍ مريرٍ إلى حيث لا عنوان…
تعصف بقسوة التجربة أن تكون إنسانًا…
فأي أمنيّة، يا ترى، في أفئدتهميحملون؟
يا للأماني! كيف يُنزع عنها ترَّف الزُّخرفاءِ…
أمنيتهم الكبيرة، الأولى والأخيرة، لبيتِ محقلتهم أن يعودوا آمنين…
مقصدهم الآن في دروب الرَّحيل صوب متكأ الطمأنينة ورغيف خبز…
صوب مأوى ودواء…
ها هُم خيامٌ مقلعةٌ ككومات قشٍّ تتقاذفها ريحُ نقمةِ الشَّنآن…
أكفانٌ ممزقة لتوابيت أوقدت فيها النيران…
موتى في جلود أحياء…
أغنية مصلوبة على صليب التعذيب والذبح…
ها هُم جسدٌ للسياط مستباح لكل جلّاد…
عيونٌ مطفأةٌ في رِمالِ الحاجةِ وحزن الجراح…
أدمعٌ للعزاء ترش سقيا لتربةِ القبور…
ضحايا صرع غوائل الافتراسِ ونوازل الويلات…
حصى تطأها الأقدام وتجرفها الأنهار إلى البحار…
لحنٌ يمزقهُ السوط والقيد ونباح الأشرار…
صرخات بكائِيّة تهدر بالدّماء يهزأ منها الأوباش…
أشتات مشردة منهوبة، منهوكة، مغلوبة فوق الأرض وتحت السَّماءِ…
ها هم طرائد تفترسها وُحُوشٌ بشريّةٌ تعشق كسر العظم وٱلْتِهام الأكباد…
تعشق شرب الدّماء…
يجأرون عرايا لأفقٍ مضطجعكِ، يا سيدة الخلاص…
أنْ أيناك برحمةٍ عليهم وسلام…
فهل مِن رحيمٍ مُنقذٍ عليهم عطوف؟
بقلم :م. فتحي فايز الخريشا
توثيق: وفاء بدارنة


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق