السبت، 27 سبتمبر 2025


بين الوردة والشفاه

النادي الملكي للأدب والسلام 

بين الوردة والشفاه

بقلم الشاعر المتألق: إبراهيم العمر 

بين الوردة والشفاه

بقلم الشاعر إبراهيم العمر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بين الشفاه والوردة” ليس مجرد عنوان، بل هو شرفة تطلّ على رعشةٍ خفية بين الجسد والرمز، بين ما يُقال وما يُشمّ، بين ما يُقطف وما يُقبّل. فيه توازنٌ بين الحسيّ والروحي، بين الفتنة والندم، كأنني أضع القارئ في لحظةٍ معلّقة بين الانبهار والانكسار.


هذا العنوان لا يطمئن، بل يُغوي. لا يشرح، بل يفتح بابًا على تأويلٍ لا ينتهي.

إنه عنوانٌ يليق بهذا النص الذي يتأرجح بين فلسفة اللذة ووجع الزوال، بين الوردة التي تُذبلها القبلة، والشفاه التي تُحييها لحظة الضم.

————————-

بين الشفاه والوردة،

ينشأ عالمٌ لا يُرى،

تتبادل فيه الحواس أدوارها،

فتشمّ الشفاه، وتُقبّل الوردة،

ويغدو الجمال سؤالًا،

هل يُقطف؟ أم يُترك ليرتجف في الضوء؟


وردةٌ ليست من نبات، بل من نداء.

تتفتح على أطراف الأصابع، وترتجف

 قرب فمٍ يلمع كالوعد،

شفاهٌ مبللةٌ لا تنطق، بل تفوح.

كأنها تقول: “أنا لست فماً، بل زهرةٌ 

من لحمٍ ودم،

تُسقى بالحنين وتُقطف بالقبلة.”


الوردة البرية تذبل حين تُشم،

أما هذه، فإنها ترتعش حين تُضم،

ويفيض عطرها من كثرة ما تُحلم بها.

واحدةٌ من ورقٍ وشوك،

وأخرى من نبضٍ وأسرارٍ وأحاسيسٍ لا تُكتب.


حين تعجبك الوردة، تقطفها،

وحين تقول لك الشفاه “نعم”،

ترويها من قلبك، لا من الماء.

فالضم هنا ليس فعلًا، بل طقسٌ،

سكرٌ لا يُشرب، بل يُتنفس.


الشفاه قد تتيه حين تلامس خدود الورد،

تغيب عن الوعي، ثم تعود،

لكن الوردة حين تذوق خمرة الشفاه،

تذبل، كأنها لم تُخلق لتحيا بعد تلك اللحظة.


وأنا؟

أختار أن أكون الوردة،

ولو كان عمري لحظة.

فما جدوى حياةٍ كاملة

لم تُمسّ فيها الشفاه،

ولم تُسافر فيها الروح إلى عالمٍ من

 السحر، ولم تسكر من رهافة

 الإحساس، ولو لرمشة عين؟

وفي آخر الارتعاش،

حين تفيق الشفاه من سُكرها،

وتنظر إلى الوردة التي ذبلت بين أناملها،

تدرك أن بعض القُبل لا تُمنح،

بل تُؤخذ من عمرٍ كان ينتظرها.

وأن الوردة، وإن ماتت،

قد عاشت لحظةً

تفوق فيها الحياة.

ـــــــــــــــــــــــ

بقلم : إبراهيم العمر

توثيق: وفاء بدارنة 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق