*** البيت المهجور ***
النادي الملكي للأدب والسلام
*** البيت المهجور ***
بقلم الشاعر المتألق: إدريس قشيش
*** البيت المهجور ***
تمشي والزمان يسير وفق ايقاع مشيها البطيء،الارض مبللة بمياه المطر.،الجو كئيب يناسب كآبة حزن الأشجار لفقدان أوراقها.الحزن يعم المكان باقتراب غروب الشمس والليل على وشك الدخول.
لازالت تمشي لهدف نصب أعينها.انها السيد علياء التي تعيش وحيدة لأنها فقدت زوجها وأبناءها بسبب حرب أهلية أتت على الأخضر واليابس حيث نجت بأعجوبة من الموت فهربت تاركة كل شيء....مرت الايام حيث. قررت العودة إلى بيتها المهجور...ها هي ترتدي معطفا باليا يكاد يغطي جسدها النحيف متكئة على عصا تساعدها على الاتزان.المكان موحش جدا لاتسمع الا اصوات الطبيعة ...صوت البوم يزين الاجواء وكذلك نقانق الضفادع.
قد وصلت إلى منزلها والحنين لا يكاد يفارق مخيلتها فأطلقت العنان للذاكرة الانفعالية حيث استدعت كل صور الماضي...أرجوحة الاطفال المعلقة على جدوع الشجرة واريكة زوجها المنصوبة أمام البيت التي طالما كان يتأرجح عليها حتى يغالبه النمو.
وصلت إلى باب المنزل والغبار يغطيه من كل الجوانب...النوافذ تآكلت وتعرضت لعوامل التعرية....دفعت الباب والدموع ينهار من مقلتيها الضعيفتين...من شدة الصدى أصدر الباب ازيزا مدويا....اشتد ألمها حينما رأت دمية ابنتها وهي موجودة في دولابها بين باقي لعبها ،اخذتها وقبلتها بحرارة شديدة،وما زادها حنقة دراجة ابنها الذي كان يحبها كثيرا وخصوصا لما كان يناديها بأن تركب معه أو أن تدحرجه مرة مرة.
ظلت علياء تسرح بخيالها في بيتها المهجور إلى أن وقع نظرها على مجلد الصور والذكريات....مدت يدها المرتجفة اليه،ففتحته فعاد بها الزمان إلى شريط أحداثها واحداث اسرتها،لم تتمالك نفسها فأجهشت بالبكاء وهي تقبل الصور، بينما هي على هذه الحالة إذ سمعت صوتا يخاطبها" ماذا تفعلين في المنزل؟"فأجابته "من أنت!؟" فرد عليها بقوة" أنا صاحب البيت، وانت؟" أجابت بقوة أيضا"أنا علياء صاحبة البيت قد عدت إليه بعدما فقدت زوجي منصور في الحرب وكذلك ابنتي ريهام وابني عادل" استغرب الرجل من حديث علياء وظل صامتا لفترة طويلة وهو ينظر إلى ملامحها،انها إشارة لتذكر شيء هام في حياته،فسألها عن اسم زوجها وأبنائها مرة أخرى للتأكد مما سمع.لم تتأخر في الرد عليه،حينها أدرك بأنها زوجته التي ظن أنها ماتت في الحرب المدمرة.بعد لحظات من التآمر نادى ولديه اللذان يظهر عليهما أنهما صارا شابين كبيرين بأن يدخلوا إلى المنزل المهترئ،.ثم وجه كلامه الى علياء هل لازالت تعرف ملامح زوجها، لم تستطع لضعف بصرها لكنها تعرفت عليه بنبرات صوته وطريقة حديثه،قالت" أانت منصور أعتقد أن صوتك وطريقة كلامك لا تخفى علي؟"أجابها" أانت علياء؟"فتعرف إلى بعضهما وكانت الفرحة أشد وقعا عليها خصوصا لما علمت أن ابناءها احياء....عاد الدفء إلى المنزل تحت سراج خافت الاضواء .رغم الليل البهيم ساد جو الفرحة ومنسوب الحب الذي انسى الجميع عذاب الزمان وسكون الليل وقساوة الجو.اغلقت العائلة الباب بالمزلاج والسراج يتوسطهم وهو وضع يساهم في بدء قص حكاياتهم المؤلمة.بدا الاب بقص الجانب الآخر من الرواية التي لم نعرفها.......
******
بقلم : ادريس قشيش
توثيق: وفاء بدارنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق