الرحّالة – الفصل الثامن: النبت الأخضر
النادي الملكي للأدب والسلام
الرحّالة – الفصل الثامن: النبت الأخضر
بقلم الكاتب المتألق: ياسر إبراهيم الفحل
الرحّالة – الفصل الثامن: النبت الأخضر
بقلم: ياسر إبراهيم الفحل
سجد عاصم وهوى على الأرض، يلامس ترابها بكل جوارحه. شعر أنّه يذوب في أعماقها كما يذوب الظمآن في نهر بارد بعد طول عطش. مرّت أنفاسه متقطّعة، كأنها تعلن ميلادًا جديدًا بعد رحلة التيه.
مدّ يده المرتجفة نحو شتلة صغيرة نبتت بين الصخور، لونها أخضر زاهٍ يبعث الأمل في قلبٍ كاد أن يتيبّس. اقترب أكثر، مسح براحته على أوراقها، وكأنّه يربّت على قلب طفل وُلِد لتوّه في صحراء قاحلة.
سمع صوتًا داخليًا يهمس له:
"ما دام في القلب إيمان، فالغدُ قادم... ولينبت زرعنا الأخضر على ضربات الرجال الصادقين."
ارتسمت على وجهه ابتسامة نادرة، امتزجت فيها دموع الفقد بدموع الرجاء. نهض عاصم من جديد، وفي عينيه بريق لا ينطفئ، بريق يُبشّر بأن الطريق ما زال طويلًا، لكن الخطوة الأولى قد زُرعت في الأرض… خضراء.
انتشر الزرع الأخضر حتى غطّى الأفق، وتدفّقت المياه بين تلابيبه كأنها شرايين حياة جديدة. أحيت الأرض اليابسة، واشتد عودها، حتى أصبح الناظر إليها يمتلئ بشرٍ وسعادةٍ وأملٍ في مستقبلٍ مشرقٍ بنبات الأرض الخضراء.
اشتد ساعد الرجال، وانطلقت أياديهم تجتهد في رعاية هذا النبت المبارك، فهو ليس مجرد زرع، بل أمل المستقبل. كانوا يبنون الروح قبل أن يبنوا الحقول، ويشيدون حصونًا من الإيمان والعزم قبل أن يشيدوا القلاع.
إنه حصن المستقبل
وبذرة حضارة، ونواة أمة. إنه زرعنا الأخضر... روح الأمة ومستقبلها.
بقلم : ياسر إبراهيم الفحل
توثيق: وفاء بدارنة

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق