*** في عتمة الحافلة ***
النادي الملكي للأدب والسلام
*** في عتمة الحافلة ***
بقلم الكاتب المتألق: تيسير المغاصبه
*** في عتمة الحافلة ***
سلسلة قصصية
بقلم: تيسيرالمغاصبه
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
عالم راق
-١-
لم تكن الحافلة ممتلئة بالمسافرين ،ولهذا السبب
كان الجلوس بحرية من دون التقيد برقم المقعد ،
كعادتي إخترت مقعدي إلى جانب النافذة كي أطل
من خلالها متأملا السحب القاتمة و..القمر.
بالرغم من كثرة المقاعد الخالية إلا إنها إختارت
مقعدها إلى جانبي ،يالسعادتي إذا كان ذلك
مقصود ..ولماذا لايكون مقصودا ..ما الشيء الذي
ينقصني وأنا شاب بكامل أناقتي ..أنا شاب..؟ ههههه بالطبع هي ثقة لاغرور،
إنبعثت رائحة عطرها الجميلة مجرد أن جلست إلى جانبي ،وبالرغم من ذلك
..الكرم الباذخ..إلا إنها نظرت إلي وإبتسمت لإنها
جلست إلى جانبي دون إستئذان ،كشفت تذكرتها
أمامي موضحة لي ذلك الإلتباس ،فخيبت أملي ،لأن
الرقم الموجود على تذكرتها كان هو رقم المقعد
ذاته ،مقعدها ،لقد أرادت التقيد برقم المقعد ،والنظام .
حتى لو فرض عليها ذلك الجلوس إلى جانب
رجل أربعيني غريب عنها،
"إذن لاتنغر بنفسك أيها العجوز ههههه!"
أخرجت من حقيبتها حبتان ملبس "حلوى مغلفة"
يبدو من غلافها إنها بنكهة النعناع ،
قدمت لي واحدة ،قلت معتذرا بأدب :
-أشكرك لاداعي؟
لكنها أمسكت بيدي وفتحت كفي ووضعتها بيدي وقامت بضم كفي عليها
والإبتسامة الجميلة لاتفارق ثغرها ،حررت
قطعتها من غلافها وقبل أن تضعها في فمها نظرت
إلي وعندما رأت إني لم أفعل مثلها ولازلت أحتفظ بحبة الملبس في يدي قامت
بوضع قطعة الحلوى خاصتها في فمي ثم أخذت من يدي
قطعة الحلوى التي قدمتها لي أولا ،ثم
حررتها من غلافها ووضعتها في فمها ثم إبتسمت،
ضحكت أنا بدوري وقلت لها وأنا أداعب قطعة الملبس بلساني:
-اشكرك ؟
طالما إنها قد أزاحت حدود التكليف بيني وبينها
أخذت بتأمل جمالها المميز اللافت ،وماكياجها
الصارخ ،وألوان ثيابها الفاقعة ،سروالها.. الجينز
الأزرق الضيق ، ذلك الموديل الممزق والذي يكشف ابيضاض بشرتها الجميلة،الشهية، من إحدى شقوقه، والبلوزة الصفراء، والحقيبة الحمراء ،ذلك التناغم الجميل.
لون ذهبي لامع على شعر أصفر متماوج ،
كان في يدي رواية مترجمة عن التركية ،كنت
قد أحضرتها معي كي أقرأها بأوقات فراغي أو
في رحلتي ،خصوصا عندما يخيم الظلام ولا أعود أرى شيئا من النافذة .
لكن تلك الجميلة قد غيرت نظام برنامجي ،
تساءلت في نفسي "ياترى من أي كوكب حضرت
تلك الجميلة!! ،وهمت بتحررها وعفويتها "
فتتشتت مشاعري مابين الإعجاب ..والحب ..
والدهشة ..والسعادة ،
طلبت مني بحركة من يدها ودون أن تتكلم أن أقلب
الكتاب بأتجاه صفحة غلافه الأولى الذي كان
لناظم حكمت بعنوان "الحياة جميلة يارفيقي"
عندما رأت الغلاف والعنوان أعطتني إشارة إعجاب
بيدها كإعجابات الفيس بوك بمعنى "أعجبني".
هذه المرة الحافز من جهة ؛وضعفي أمام الجمال
من جهة ثانية جعلاني أتحدث إليها ..مغازلا :
-و أنت جميلة جدا ؟
يبدو إنها لم تفهم ماقلت لها ..هل هي ليست عربية، لكني أشرت لها بيدي بمعنى "أنت جميلة"
وضممت أطراف أصابعي مع بعضها وقبلت أطرافها.
كي اوصل إليها المعنى نفسه ،
إبتسمت وشكرتني بطريقة سهلة فهمتها بسرعة ،
بالتأكيد سأشعر بالخيبة في حال كانت ليست عربية ،
خصوصا أني لااجيد سوى العربية ،هل حوارنا
سيبقى بلغة الإشارة ،قطعت ذلك الانسجام ..والتساؤل
المضيفة التي إقتربت منا لتسألنا ماذا نطلب ،هي
لم تطلب شيئا ،لكني طلبت إثنين نسكافيه..لي
ولها .
"وللقصة بقية "
بقلم : تيسيرالمغاصبه
توثيق: وفاء بدارنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق