اشتقت إلى نفسي الأولى
النادي الملكي للأدب والسلام
اشتقت إلى نفسي الأولى
بقلم الشاعرة المتألقة: فوزية الخطاب
اشتقت إلى نفسي الأولى
وقفت أمام المرآة أرتب هندامي للخروج للعمل ،وابنتي الصغيرة لينة تراقبني بنظراتها وتبتسم ،خاطبتني ماما ما يكدر صفو حياتك؟ لِم أراك مرات كثيرة تفكرين ؟
احتضتنها بين ذراعي وهمست في أذنها لا حبيبتي انا بخير مادمتم انتم بخير.ودعتهم وخرجت للعمل ،ركبت السيارة وطيلة الطريق وفكري شارد و دموعي تسيل ،كم تمنيت العودة لمرحلة الطفولة لأنعم بالهدوء والراحة.. لألعب وأجري ولا أهتم لشيء ،كم تمنيت النوم دون تفكير، وأستيقظ دون تفكير،لكن هيهات هيهات، ما عاد الأمر ممكنا،ترامى إلى مسمعي صوتي والدتي : دعواتي ترافقك حبيبتي ،كان هذا دعاؤها وانا أذهب للمدرسة كل يوم .آه كم أشتاق لنفسي الأولى وانا طفلة غضة ترقص وتغني ..كم اشتقت لتلك اللحظات الجميلة، دفء الوالدين ، ومشاكسة الإخوة. يشدني الحنين إلى كل شيء مرتبط بطفولتي..تلك أيام حلوة .كبرت قبل الأوان والطفلة التي بداخلي تأبى أن تكبر ،كبرت وصرت زوجة وأما. آه لم يكن الأمر سهلا يسيرا ،مسؤولية الأسرة والأبناء ، فتربية الأبناء في عالم اليوم كأنك تمسك جمرة في يدك ،تحرقك تتألم تبكي بحرقة لكنك لا تستطيع رميها. نعم تربية الأطفال والسهر عليهم ليصيروا رجالا ونساء ينفعون أنفسهم وهذا الوطن ،تحتاج منك صبرا عظيما .اشتقت لنفسي القديمة لأن المسؤولية أكبر مني وفاقت تحملي وقدرتي ،وكم ليال بكيت خوفا على أبنائي من فتن هذه الدنيا ومغرياتها،كلما ضاق بي الحال شدني الحنين إليها وأسندت رأسي على وسادتي وسافرت إليها،أو حملت نفسي وهرولت إلى دارنا ونمت في حضن امي ،وكانت تعلم كلما جئت إليها أني محتاجة جدا إلى الحنان فتطبطب علي وتمسح على رأسي وتحدثني عن أبنائي وزوجي الطيب وترفع من معنوياتي ،فأعود وكلي شوق لهم.
لا أعرف كم مر من الوقت وأنا شاردة ،وصلت لعملي ،ركنت سيارتي وبقيت لبرهة استجمع قواي وأنا أنظر لنفسي في مرآة السيارة.مابك فوزية ؟ نعم مرحلة الطفولة جميلة ولكن هذه المرحلة التي أنت فيها أجمل وأحسن أنت أم تربين في البيت و تربين في المدرسة وتسهرين على مصلحتهم ،أنت أم طيبة وأبناؤك يحبونك وكذلك تلامذتك،هذا الصوت بداخلي يقويني لكن تلك الطفلة المشاكلة تأبى الإبتعاد وتشدني لطفولتي.
بقلم : فوزية الخطاب
16.03.2025
توثيق: وفاء بدارنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق