( أنا الإ بليس )
النادي الملكي للأدب والسلام
( أنا الإ بليس )
بقلم الشاعر المتألق : عبد الحليم الشنودي
( أنا الإ بليس )
-------------------
أنا والطّينُ من تربٍ وماءِ
أديمي منهما يحوي دمائي
يلوّثني - إذا ما ظلّ طينا
بما يقتاتُ من أسنِ الوعاءِ
ويُطهرني - إذا ضوءٌ غشاهُ
فضاء على صفا النور مائي
فطهري إن هُديتُ له - ولوثي
رهينُ سواد قلبٍ أو نقاءِ
--------------
فُطرتُ على مراد الله نشأً
كما المسنونُ في فطْرِ السماءِ
كما المجبولُ في نهرٍ وأرضٍ
فما بخلا - بقوتٍ أو بماءِ
وما جدبت عن الإنبات يوما
ولا بخلت بأمطار سمائي
ولي - في جنّتي أشجارُ خلدٍ
كما الأشجار في فجر النّداء
تطلّ عليّ في طلعات صبحٍ
تهاديني بسوءاتي ودائي
وإن تغوى بجملتها حروفي
فواحدةٌ كفت ألفي وبائي
-------------
إلى فتنٍ - رمانا - لم يُغثنا
زمانٌ - لا يرى دمعَ الرّجاءِ
بأسواري رأى ( إبليسُ) باب
وسترا - أطفأت نورا لمائي
فوالجَ لم يُضعْ فرصاتِ غَيٍّ
وغالبني - ولا حصنٌ ورائي
فما أبقى على المحظور قيدا
ولا أخلى لمن يطهو وعائي
ولم يقدح لنار الغيّ زندا
وقد تمّ التأكّدُ من وفائي
أنا الإبليس أطعمه بإثمي
وما الإبليسُ إلا محض راءِ
فيا أعوانهُ - هيّا تنحّوا
فقد علمَ الكبيرُ بسرّ دائي
فما نفسي - سواهُ عليَّ يَرنو
ولا يرجو - سوى نضح الوعاءِ
-------------
فسادي اليومَ أزكمَ كلّ أنفٍ
وطيّرَ ما نفَتهُ إلى سمائي
فسادي في نوى فكرٍ تخفّى
وغرّسَ شوكَه شجرا ورائي
فسادي اليومَ في أثواب دينٍ
ألوِّثها بأليافِ الرّداءِ
وفي قتلٍ على رأيٍ أراهُ
وليسَ عليه أمرٌ من سماءِ
فسادي في طموحٍ لم أطلْهُ
رميتُ الموتَ في زادٍي ومائي
------------
فهل لي من رجاءٍ عندَ ربّي
إذا القلبُ انتواهُ بلا رياءِ
وهل ما ظلّ للمفتونِ قلبٌ
يعوذ بربٍه من كلّ داءِ
فإن لم يهدني ربي لأنقى
فلا أملٌ أراه لدى مسائي
-------------------------------
( عبدالحليم الشنودي)
توثيق : وفاء بدارنة

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق