في غرفة الفجر
النادي الملكي للأدب والسلام
في غرفة الفجر
بقلم الشاعرة المتألقة : حنان احمد الصادق الجوهري
في غرفة الفجر
أنا وقهوتي ورائحة المطر
في بداية كل نهار جديد،
حيث الضوء ما زال خجولًا،
والسماء تتنفس ببطء،
أجلس مع قهوتي
لأصغي إليها.
القهوة عندي إشارة بدءٍ،
ومطرٌ خفيفٌ داخل الأعماق
يوقظ الأفكار من نومها.
رائحتها تختلط بندى الفجر،
ترسم خارطة الروح،
وتفتح أبوابًا لا تُفتح في ضجيج النهار.
إنّ قهوتي لا يراها أحد،
فهي مزيجٌ من كتبٍ قديمة،
وفكرٌ. تسكنه الدهشة،
وقلمٌ يعرف طريقي
أكثر مما أعرفه.
في كل فجر،
يستدعيني النور،
فتنساب المعاني من خاطري
كما ينساب الحبر بعد انتظار،
ثم يُؤذَن له أن يقول.
منذ الطفولة،
وأنا عاشقة للأوراق،
ذلك البياض النقي
الذي يحتمل كل شيء،
ويحتضن الحرف حين يولد غضًّا،
حديثَ عهدٍ بالنطق.
سعادتي كانت دائمًا
أن أذوب في هذا السحر،
أنا وقلمي ورائحة. شتاءٍ أنيق
يعرف كيف ينصت إليّ.
وحين أكتب،
تبدأ الحروف في الاقتراب مني،
وتعلن قهوتي إشارة البدء.
فالقاف… قلمي المدهش،
صديقي الوفي،
حين يرسم الحروف برشاقة
فيلتف حولي عطر الحنين،
وتنهض الذاكرة بكامل أناقتها،
كأن الماضي لا يهرم
إذا كُتِب بصدق.
والهاء…
همساتُ حريرٍ تنسدل على خواطري،
تُغرقني في نعيم المفردات،
وتلامس الروح.
والواو…
واحةٌ ساحرة وسط واقعٍ جاف،
كنا نظنه طريقًا،
فإذا بقواربنا قد أبحرت في الرمال.
تلك الواو
هي الوصل حين ينقطع المعنى،
والفسحة حين يضيق العالم.
ثم التاء المربوطة…
تلك الساحرة
التي تستدير كأنها
تحتضن ما أسفر عنه الخيال،
وتغلق الدائرة برفق
حتى يحين إشعارٌ آخر.
هي تاءٌ حين تترك الكلام،
تتركه ناضجًا،
مهيّأً للسكوت الجميل.
هي مسك ختام قهوتي.
قهوتي…
هي الفكرة المدهشة،
العاطفة المرهفة،
إكليلٌ لازورديٌّ
على الكلمات العطرة،
ندى الفجر البكر
على زجاج نافذتي.
حين أبتسم
وأدرك أني في أجمل مكان
وأجمل شعور،
كنت في غرفة الفجر
دون أن أغادر قلبي.
✍️ حنان أحمد الصادق الجوهري
توثيق : وفاء بدارنة


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق