السبت، 20 ديسمبر 2025


*** مسافر يا وطن. ***

النادي الملكي للأدب والسلام

*** مسافر يا وطن. ***

بقلم الشاعر المتألق : سامي المجبري

*** مسافر يا وطن. ***

مسافرٌ يا وطن،

لا لأن الطريق أغراني،

بل لأن الأبواب ضاقت

حتى صار الرحيل منفذًا أخيرًا للنجاة.

أحمل حقيبتي،

وأترك خلفي وجوهًا

تحفظ اسمي أكثر مما تحفظه الأوراق.

أترك الأزقّة التي تعرف خطاي،

والبيوت التي كانت تفتح صدورها

قبل أبوابها.

في السفر، يتعلّم القلب 

معنى الانقسام؛

نصفه يسير مع الجسد،

ونصفه يبقى معلّقًا

على جدار الذاكرة.

الهجرة وجعٌ صامت،

لا يُرى لكنه يُثقل الروح.

حين تبتعد عن وطنك،

تكتشف أن المسافات لا تُقاس 

بالأميال، بل بعدد اللحظات

التي لا تستطيع مشاركتها

مع أهلك وأصدقائك.

تفرح وحدك،

وتحزن وحدك،

وتتعلّم أن تُخفي اشتياقك

خلف ابتسامةٍ متعبة.

قسوة الغربة

لا تكمن في اللغة أو المكان،

بل في الإحساس الدائم

بأنك ضيفٌ مؤقّت على الحياة.

تُعيد الغربة تشكيل الشخصية؛

تُقوّي الظاهر،

وتُرهق  الداخل،

تصنع منك إنسانًا

أكثر صبرًا،

وأقل براءة.

تُعلّمك الاعتماد على النفس،

لكنها تسلبك دفءَ المشاركة.

ومع ذلك،

يبقى الوطن حاضرًا

في التفاصيل الصغيرة:

في رائحة الخبز،

في نبرة الدعاء،

في حلم العودة.

مسافرٌ يا وطن،

لكنّك تسكنني أينما ذهبت،

وأعرف أن الغربة،

مهما طالت،

لن تصبح  وطنًا

بقلم : سامي المجبري 

توثيق : وفاء بدارنة 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق