الاثنين، 15 ديسمبر 2025


ما بعد الصمت

النادي الملكي للأدب والسلام 

ما بعد الصمت

بقلم الشاعر المتألق : محمد رزق حلاوة 

ما بعد الصمت

كم يبقى الإنسانُ منطويًا،

حتى يتعلّم

أن الألم لا يشيخ،

وأن الكلمات

لا تعتذر؟

كم يبقى

وهو يحمل داخله

مقابرَ كاملة

لأشياء لم تُدفن،

بل تُركت تموت ببطء

كلّما تذكّر؟

ما انطويتُ

لأنني هشّ،

بل لأنني تعبتُ

من ترميم نفسي

بعد كل جملة. 

قيلت باستهانة،

وتركت في صدري

حفرةً

لا يملؤها الزمن.

الكلمات… يا الله،

كم هي قاسية

حين تخرج

من أفواهٍ

كنا نظنّها

بيوتًا آمنة.

تدخل الكلمة

خفيفة،

كأنها لا تقصد شيئًا،

ثم تستقرّ في القلب

كحجرٍ ثقيل

يرفض الغرق

ويرفض الخروج.

ما انطويتُ

هربًا من الناس،

بل لأن الناس

صاروا يرمون أحمالهم

فوق ظهري،

ثم يسألونني:

لماذا انحنيت؟

كم مرة

مات في داخلي صوتي،

لأن الصمت

كان أقلَّ ألمًا

من الشرح؟

كم مرة

بلعتُ وجعي،

لأن الاعتراف

صار تهمة،

والبكاء

صار ضعفًا،

والقلب. صار مادةً

للسخرية؟

أنا اليوم

لا أصرخ،

لا أعاتب،

لا أشرح،

أنا فقط

أضع بيني وبين العالم

مسافةَ نجاة.

فالانطواء

ليس هزيمة،

بل إسعافٌ أوّلي

لروحٍ

نُزِعَت منها الطمأنينة

بأحاديث عابرة.

وسأتعافى…

نعم،   لكنني لن أعود كما كنت.

سأعود

أقلّ ثقة،

أكثر وعيًا،

وأشدّ قسوة

على كل كلمة

تقترب من قلبي

دون إذن.

بقلم : محمد رزق حلاوة

توثيق : وفاء بدارنة 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق