الجمعة، 16 مايو 2025


( صرخة ألم )

النادي الملكي للأدب والسلام 

( صرخة ألم 

بقلم الشاعرة المتألقة: أثينا عبد الرحمن

( صرخة ألم )

صرختُ

لكن الصدى كان أبكمَ

وما من جدارٍ يعيد إليَّ صراخي

كلّما ناديت

ارتدّ الصوتُ إليّ كطعنة

كأن العالمَ

سدّ أذنيه

أو مات

لم تكن صرختي غضبًا

ولا شتيمة

ولا نداء استغاثة

كانت شيئًا

لا يُقال

لا يُفهم

ولا يُغتفر

كنت أبحثُ عن أحد

أي أحد

ليسمعني

حين يتهاوى داخلي

هذا الركامُ الذي كنتُ أسمّيه نفسي

كلُّ ما حولي ساكن

لكن قلبي

يصرخ

يصرخ

ولا يسمعهُ أحد

هل سمعتم؟

أم أن هذا الوجع

لا صوت له

إلا في داخلي؟

هل الصرخةُ التي لا يسمعها سواك

تُعدُّ صرخةً؟

أم جريمةَ صمتٍ مؤبد؟

كنتُ طفلًا

أملكُ عصفورًا من ورق

وصوتي كان أغنية

كنتُ أركضُ خلف الظلالِ

لأعانقهُ

أحسبهُ أصدقاء

أو أجنحة

كان قلبي يصدق الحكايات

يؤمن أن الحزن لا يدوم

وأنّ الأمهات لا يرحلن

وأنّ الأب لا يغيب إلا

ليعودَ محمّلًا بالعناق

لكنّ المرآة انكسرت

رأيتُ وجهي مشطوبًا

كأنّي لم أكن طفلًا

بل صفحةً ممزّقة

من دفترٍ نسيه الزمانُ في العراء

هل تصدقني لو قلتُ

إن أول وجعي

كان حين سقطت دميتي

من حضن أمي

ولم تُعدها إليّ؟

هل يبدأ الخراب

من لعبةٍ لم تُلتقط

أم من نظرةٍ باردةٍ

كأنها لا تعرفك؟

أحيانًا

أحنُّ إلى سذاجتي

إلى جرحٍ صغير

يُشفى بقطعة حلوى

أو قبلةٍ على الركبة

لكننا كبرنا

ولم تعد قبلةُ أمي

تشفي شيئًا

لأنها أيضًا

رحلت

رأيتُ وجهَكَ ذات حلم

كان يُشبهني

كأنكَ انعكاسُ ما أردتُ أن أكون

ولم أستطع

كنتَ هناك

تمامًا حيثُ التفتُّ لأتعثّر بعينيكَ

كأنكَ كمينُ الضوء

لقلبٍ يمشي في عماه

أحببتكَ

لا كما يُحبّ الناس

بل كما يَهبُ العطشانُ روحهُ للسراب

ويُقسم أنّه ماء

لكنكَ

حين قلتُ "ابقَا"

أدرتَ وجهكَ للريح

ورحلتَ

بخطى لم تسمعها الأرض

ولا قلبي

هل تعرف

كم مرّةً فتّشتُ عن ظلّكَ

في المرايا

وفي الزوايا

وفي دفاتر النسيان؟

كم مرّةً حاولتُ أن أكرهكَ

لكنّ الكراهية

لا تسكنُ قلبًا

خرابُهُ

حبّ

هل كان حبُّنا حقيقياً؟

أم كنتُ وحدي أكتب الرواية

وأُصدّقها؟

هل كنتَ أنتَ

أم صورةً رسمتها الوحدة

لتُبكيني حين تغيب؟

ها هو ذا

كلّ ما تبقّى منكَ

ذكرى لا تجيد العناق

وصوتٌ

لا يردّ السلام

بقلم :  أثينا عبد الرحمن

توثيق: وفاء بدارنة 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق