*** رحلة الياسمين ***
النادي الملكي للأدب والسلام
*** رحلة الياسمين ***
بقلم الشاعرة المتألقة: فاطمة البلطجي
*** رحلة الياسمين ***
من ماءٍ مَهين ، في ركنٍ أمين ، داخل رحمٍ مكين، تبدأ مرحلة التكوين.
بيننا حبلٌ متين، منه الطعام توصلين،
كأنني سجين، تحريري تنتظرين.
ثم أكبر وترقبين، أدغدغ بطنك تضحكين، أسمعك تنادين تناغين، لغة لا يفهمها الا الجنين.
وساعة المخاض تحين، بشوق وجرأة تستقبلين، معركة أنفصل عنك وتوصلين، لله تتضرّعين وتنتصرين.
يضيق بي المكان فتدفعين، أنزلق، أصرخ، تضمّين ، وبرفق ثديك تناولين.
إنقطع الحبل السُرّي فحبالك كلها تمدّين، عينيّ بنور وجهك تكحّلين، وبثغري حليب صدرك تقطّرين.
مضى من عمري أشهراً وسنتان، من حضن لحضانة وخلّان رفضٌ ، خوفٌ، وعصيان.
سنواتي الست أصبحت في الحسبان، ومدرستي فتحت لي البيبان، تستقبلني كالزهر في نيسان، بصفوفٍ وحروفٍ ومهرجان.
وأمي تراقبني خلف الأسوار، بحكمة تلعب كل الأدوار، ورأسي تملؤه أفكار، أأفرح، أغضب، أم أغار، وبحيلة يجيدها كل الصغار ، بكيت وشكيت من دوار، بللت وشاحها ووضعته على جبينٍ حار، وبقيت بقربي حتى طلع النهار.
ثم أنهيت المرحلة الإعدادية، لم تكُ سنواتها عادية، أسئلة أسرية وجسدية، ومشاعر متشابكة بين العدوانية والوجدانية ، بين المشاركة والأنانية، بين أن أُعامل كطفلة أو صبيّة.
وتخرّجتُ من الثانوية، وأصبحت ناضجة وقويّة، مرآتي رفيقتي وأجوبتي فورية، جميلة وجديرة بحياة أسرية،
وها أنا أمّ بحنين وحنان ، وإبنتي كبرت قبل الآوان، وتعود الأعوام لسالف الزمان، وتضيق الأركان لا سقف ولا جدران ، فراغ لا يملؤه زوج ولا جيران.
وتبقى الأمومة إرث على مرّ الزمان سلسلة محبوكة بحبل سرّي تعلّق برحم باركه الرحمن من أمّنا حواء حتى أخر إنسان.
فاطمة البلطجي
لبنان/صيدا
من كتابي رحلة الياسمين
توثيق: وفاء بدارنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق