*** أُفْـقٌ وَاسـِـــعٌ ***
النادي الملكي للأدب والسلام
*** أُفْـقٌ وَاسـِـــعٌ ***
بقلم الشاعر المتألق: صاحب ساجت
قصةٌ قصيرةٌ
*** أُفْـقٌ وَاسـِـــعٌ ***
عِندَما اِقترَبَتْ أَزهارُ الحَديقَةِ مِنَ الشّـــباكِ، اِبْتسمَـتِ السَّتائِرُ وَ اَنفرَجَتْ قَليلًا لِتَدخُلَ
نَسـمَةُ صَباحٍ مُعطَّرَةٍ، نَديَّةٍ، إلـىٰ الغُرفَةِ.
تَحرَّكَتْ 'نَرجسُ'- ذاتَ العشرينَ رَبيعًا ـ
في فِراشٍ مَخمَليٍّ، تَتَحسَّسُ دِفْءَهُ،
وَ تَتذوَّقُ طَــعمَ حُلمِها الأخيرِ..
نَهَضَتْ وَ نَظرَتْ تَرقُبُ بَوَّابَةَ دارٍ هادِئَةٍ
مُنْذُ عامٍ أَو أَكثرَ! بَيْدَ أَنَّ زَقزقةَ عَصافيرَ وَ حركتِهَا مِنْ غُصنٍ إلـىٰ آخرَ شَدَّتْهَا
فَاستَرسَلَتْ في متابعتِهَـا، تَنتَظِرُ وَقتَ
إعلَانِ ذَهابِهَا إلـىٰ الكُليَّةِ!
كَلُّ شَيءٍ مُرتَّبٌ في البَيتِ؛ أنوارٌ تُضيءُ أَقصَىٰ زَواياهُ، أَربَعُ نُفُوسٍ تَملَأُ ثَناياهُ
بِكلمَةٍ أو ضحكَةٍ لَطيفَةٍ.
أَشياءُهُ.. سَـواءٌ ما عَلـىٰ الأَرضِ، أو
عَلـىٰ الجِدرانِ، مُتناسِقَةٌ فِيمَــا بَينَهَــا،
بَلْ مُنسـَـجمَةً مَعَ الـذَّوقِ البَسيطِ.
أَخُوهَا وَ أُختُهَا الصَّغيرانِ، يَذهبانِ
إلـىٰ مَدرسَـةٍ قَريبَةٍ.
أُمُّـهَـا.. تَتَنَقَّلُ بِحذَرٍ بَينَ غُرفِ البَيتِ،
خِشيَةَ أنْ تَصْدِرَ إزعاجًا أو إثارةً مَـا!
بَينَمـا نَرجِـسُ، شاعريَّةُ المَزاجِ، حَرصَتْ
أَنْ تَسْـتَمْتِعَ بِكُلِّ ثانيَةٍ مِنْ وُجُودِهَا في البَيتِ. تَتأَمَّلُهُ كَثيرًا، تَحفظُ أبعادَهُ، تَبحَثُ
عَنْ مَشاريعَ تَغييرٍ فيهِ، أَو في أَلوانِ
أَثاثِهِ وَ فراشِهِ!
في الطَّريقِ إلـىٰ الكليَّةِ، إفتقَدَتْ مَنْ يُوصلُهَا، وَ يَعِزُّ عَليهَا غِيابُهُ، لٰكِنْ
إستسلمَتْ لِقَدَرٍ كُتِبَ عَليهَا،
وَ مَا اِنفَكَّتْ ذِكراهُ تُرافِقُهَا إيَّنمَا
حَلَّتْ..
سَـــافَرَ. أَو هَــاجَرَ...
رُبَّمَا ضَـلَّ طَريقَهُ في العَــراءْ!
وَ تاهَتْ بهِ مَراكِــبُ،
كُلُّ ذٰلكَ.. لَدَيَّ سَـــواءْ!
يَكْفِيني يَتَنفَّسُ،
أَو يَرقُصُ في مَلجَـــأٍ،
رَقصَةَ أَمَلٍ ضاعْ! يَكْفِيني...
يَنْفِثُ أَنفاسًا حَرَّىٰ...
مَعَ بَردٍ آتٍ مِنَ الخَوَاءْ! "
ــ كَيفَ أَخبارُ خَطيبِكِ.. 'ماجِد'؟
أَيقَظُهَــا السُّؤالُ مِنْ شُرُودِهَـا، لٰكنَّها
رَدّتْ عَليهِ بابتسامَةٍ:-
ــ أَرجُوكُمْ.. صَحِّحُوا كَلمَةَ (خَطيبكِ)!
إنَّهُ تَوأَمُ رُوحِي وَ عِقالُ عَقلِي وَ..
وَ...يَبتسِمُ جُلَّ زُملاءِهَا لِهٰذا الأَمرِ،
وَ يَصرُّ بَعضُهُمْ عَلـىٰ دَغْدَغَةِ غَضبِهَا، لٰكِنَّهُ
مَا يَلبثُ أنْ يَهربَ بَعيدًا عَنْ نَظراتِهَا،
أَو يَنحَني لَهَا اِعتذارًا..
كانَ ماجد وَاحِدًا مِنهُم، وَ يَبدُو إنّهُ
هَمزَةُ وَصلٍ بينَ الجَّميعِ، وَ مُحرّكُ
إنفعالِهِـــم وَ تَفاعـلِهِـــم، في الدَّراسَــةِ
وَ الهَزلِ!
وَ في لَحظةٍ مَا.. قَرّرَ الذَّهــابَ معَ ثُلّةٍ
مِنْ أصدقائِهِ إلـىٰ المَجهُـولِ، ليَطـرُقَ
بابَ مُستقبَلٍ، وَ يَزجَّ بنفسِهِ في أَتونِ
غُربَةٍ!
بَينمَــا نَرجسُ.. تَشعرُ بأنّ خُطَىٰ المَسيرِ
مَعهُ باتَتْ واسعَةً، وَ صارَ البُعدُ يَحفِّرُ
اِخدُودًا بَينَهُمَــا.. فَهي تَتَأمَّلُ
أنْ تَتَخضّبَ بالطِّيبِ وَ الحِنَّاءِ!
(صاحِب ساجِت /العِرَاق)
توثيق: وفاء بدارنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق