الاثنين، 14 أبريل 2025


تراتيل العُمر في دروب التيهِ واليقين

النادي الملكي للأدب والسلام 

تراتيل العُمر في دروب التيهِ واليقين

بقلم الشاعر المتألق: أثينا عبد الرحمن 

(تراتيل العُمر في دروب التيهِ واليقين)

يا أيّها العُمرُ رميتَني باقتدارْ

ما كنتُ أحسبُ أنّ سهمَك لا يُجارْ

كنتُ الوَديعَ وأنتَ في جُنحِ الدُجى

تغتالُ أحلامي وتُشعلُ فيّ نارْ


ما كانت الأيّامُ تطرقُ بابَ همّي

لكنّك المُختالُ تمضي لا تُدارْ

حملتَني ما لا تُطيقهُ قافلتي

من ثقلِ وجعٍ من سُهادٍ من حصارْ


يا عمرُ كم مرّةً مررتَ كأنّك

ريحُ الخريفِ على المدى لا استقرارْ

وأنا الغريبُ على الرُبى لا مرفأٌ

يأوي انكساراتي ولا ظلّ جدارْ


ما بينَ أعوامي التي ضاعت سُدى

ونسيتُ فيها مَن أنا ومتى وأينْ

سرّبتَني مثل الحنينِ بصدرِ ميتٍ

لا زالَ ينظرُ للحياةِ من الشجنْ


لكنني رغم الندوبِ وقفتُ في

وجهِ المدى ورفعتُ رأسِي كالوطنْ

ما زلتُ أمضي والبقايا في دمي

تشتاقُ فجرًا لا يُخانُ ولا يُهَنْ


فامضِ فإني لا أهابُ تقلّبَ

أيامِك السوداءِ يا عُمرُ المدى

قد علّمتني كيفَ الصعودُ من الدجى

وكأنني نارٌ توهّج في الرُدى


قد جرّبتني فانظرْ إليّ صخرتي

لم تلنْ لم تنحني يوماً لأحدْ

أنا لستُ ظلَّ العابرينَ على المدى

أنا الذي إن غابَ أبقى في الأبدْ


ما بينَ جُرحٍ نازفٍ وأُمنيةٍ

أبني خطايَ ولا أملُّ ولا أُرَدْ

أحملُ يقيني كالسُرُجْ وفي دمي

أبقى وفيًّا للحقيقةِ والسندْ


يا أيها العُمرُ الطويلُ وإن غدا

وجهُ الحقيقةِ كالرمادِ على المُقلْ

ما ضعتُ لا بل كنتُ أمشي ثابتًا

كالنجمِ لا يهوى ولا يسهو ولا يَكِلْ


خذني إذا شئتَ التجوّل في المدى

لكنْ دعِ القلبَ المُحبَّ لما يجلْ

دعْني أغنّي للحياةِ وإنْ غَدرْتْ

فالصبرُ في صدري قصائدُ لا تملْ


كم مرّةً خذلتَ طفلي داخلي

فنهضتُ أزرعُه ابتساماتِ الأملْ

ما عدتُ أبكي بل أُقيمُ على الشقاء

عرشًا من الضوءِ الجميلِ المُكتمِلْ


وفي الخاتمة…


فإذًا تعالَ وخُذ يدي إن كنتَ تدري 

ما الخُطا

فالحُبُّ دربي واليقينُ هو العُلا

ما عدتُ أرجو منك متكأً ولا

أرجو نجاةً إن نجوتُ بما مَضى


يا أيّها العُمرُ التليدُ تُبيدُني

ثمّ تعودُ إليَّ كي تُحيي الرؤى

أنا لستُ أُعنيكَ بل أعن

 من دُمى

ذاقوا من الأيّامِ طيفًا فانطفى


أنا لستُ هذا الجسدَ المُلقى سُدى

بل في دُهاليزِ الغيابِ أنا المدى

أنا الذي إن ضاقَ بالسرِّ الفضا

ناجى الإلهَ فعادَ نورًا مرتضى


هل تَحسبُ الآلامَ تُنسي من أنا؟

كلا فإني خُنتُ موتي وارتقى

في داخلي طفلٌ يُحدّثُ خالقهْ

ويقول زدني يا إلهي نورَ هُدى


سافرتُ حتى ضاقَ بالأفقِ السُكونْ

وغرقتُ حتى ما بقى غيرُ السكونْ

لكنني في العُتمةِ الكبرى رأيتْ

وجهَ الحقيقةِ في تجلّيهِ الفتونْ


العُمرُ؟ لا ما العُمرُ إلا عابرٌ

والروحُ سرٌّ لا يُقيَّدُ بالزمنْ

إنّي عشقتُ التيهَ حتى أدركتْ

أن الوصولَ يكونُ في سرّ المحنْ 

 بقلم : أثينا عبد الرحمن

توثيق: وفاء بدارنة 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق