.ما بين الوحدة العضوية والصورة الشعرية
النادي الملكي للأدب والسلام
.ما بين الوحدة العضوية والصورة الشعرية
بقلم الشاعر المتألق: زين المعبدي
..ما بين الوحدة العضوية والصورة الشعرية..
ليس معنى الوحدة العضوية كما يعتقد البعض أن تحتوي القصيدة على موضوع واحد وأكبر دليل على ذلك الشعر الجاهلي
لقد كانت القصيدة الواحدة تحتوي على أكثر من موضوع وكان الشعراء يتنقلون مابين البكاء على الأطلال وبين الحماسة والفخر واحيانا الرثاء
وكل هذا في القصيدة الواحدة وكانت تتسم بالوحدة العضوية..
لكن ما نود قوله هو أن الوحدة العضوية معناها أن يكون بين أكثر من موضوع انسجاماً في العاطفة وفي الإتجاه المركزي نحو حقائق الكون وتجارب الحياة... والشاعر يحقق هذه الوحدة في بناءه لقصيدته بأن يرتب موضوعاته ترتيباً يقوم على النحو المطرد بحيث ينشا إحدها من سابقه نشوءاً عضوياً مقنعاً ويقود إلى لاحقه بنفس الطريقة بحيث تتكامل أجزاء القصيدة في توضيح عاطفتها المسيطرة واتجاهها المركزي حتى إذا قرأنا القصيدة ازدادنا بالتدريج دخولاً في عاطفتها وبصراً باتجاهها فتركت علينا في النهاية أثراً فنياً موحداً متكاملاً لم نشعر فيه بخلل أو تناقض أو انتكاس من اتجاه الشاعر الذي كان يتخذه... فاشتمال القصيدة على أكثر من موضوع لا ينفي عنها الوحدة ما دام هناك رابط يربط بين هذه الموضوعات وتسيطر عليها عاطفة واحدة، فقد يصوغ الشاعر قصيدته صياغة حزينة، ولا يمنعه ذلك من وصف الطبيعة وغيرها ويكون روح الحزن (مثلاً) بادياً فيها وفي كل غرض يتركه بداخلها..... ويسمي النقد الحديث هذه التقانة( بالوحدة العضوية) وليس المقصود بها وحدة الصور أو وحدة الموضوع بل هي وحدة الإحساس بالصورة أو هيمنة إحساس واحد على القصيدة كلها والوحدة العاطفية هي دليل على تحقيق الوحدة العضوية، ومعنى هذا أن الصور في العمل الفني ليست إلا تجسيداً للتجربة أو اللحظة الشعورية التي يعانيها الفنان أو المبدع فالوحدة العضوية والوحدة النفسية والوحدة الشعورية مسميات لشيء واحد وهو هيمنة إحساس واحد أو رؤية نفسية ذات لون واحد على العمل الفني كله وأن الصور الشعرية بكل أشكالها المجازية بمعناها الجزئي والكلي وسيلة لفلاح الفنان في تجسيد إحساسه مثلما هي وسيلة الناقد في اكتشاف هذا الإحساس وتلك الرؤية.
بقلم : زين المعبدي
توثيق: وفاء بدارنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق