الثلاثاء، 27 يونيو 2023


*** وراء الباب  ***

النادي الملكي للأدب والسلام

*** وراء الباب  ***

بقلم الشاعرة المتألقة: فريدة بلفراق 

*** وراء الباب  ***

 قصة قصيرة

  نهَضتْ من الفراش تفرك عينيها، للهروب مما تبقى من آثار النُّعاس المُتشبّث بجفونها، ملقية نظرتها الأولى في هذا الصباح المُتأخِر اتجاه مهد طفلها المولود منذ شهرين . 

  لم تجد صغيرها في مكانه،فهرعت نحو المهد تُقلبه رأسا على عقب، لم تتمالك نفسها من هول الصدمة و أطلقت صرخة وهي تجري نحو بهو الشّقة، مُجتازة الغرف و المطبخ و حتى الحمّام، تبحث عنه في كل مكان، فتحت الباب الخارجي على مصراعيه  بلباس النوم كالمجنونة، فقدت صوابها و قلبها يخفق بسرعة الضوء تنزل بخطوات عملاقة في سلالم العمارة دون أن تدري، أهي تطير في السماء أم تنغمس في سابع أراضيين؟ ولما تفطن الجيران لحركة غير مألوفة  في ساحة المبنى جراء الصراخ، اندفعوا نحوها في حيرة كبيرة، مما يرونه من جارة عهدوا هدوءها و وقارها و لباسها المحتشم، وقفوا أمام  امرأة ضاع فؤادها و تناثر عقلها كما تناثر شعرها الطويل غير المألوف لديهم، الكل يحاول فهم القصة بطريقته وهي لم تعد باستطاعتها التعبير بالكلام، الصدمة استبدت بها و بالكاد يستوعب من حولها ما حدث، اجتمع الجيران رجال و نساء و أطفال، بعدما أسدلت احدى الحاضرات عباءة و وشاحا على جسدها المُرتجف و رأسها المكشوف، تنظر في أنين و دهشة ما يصلها من همسات بين الحاضرين، يسرد بعضهم قصص خطف الأطفال وتارة يقرع سمعها قصة خطف الجن للرضيع أو من يتمتم من النسوة  اتهامها بقتل رضيعها ربما اختناقا عند ارضاعه  أثناء نومها و أخفته خوفا من كشف الجريمة، تتمزق أحشاؤها غيضا ويثنيها الانهيار  الدفاع عن نفسها،  فتتمنى لو توقف الزمن بها هذه اللحظات حتى تتوارى عن الأنظار المُشفقة  والألسن المُتهِمة .

 في غياب زوجها، لم يستطع أحد التصرف  سوى اخبار الأمن، فانتشرت حكاية الرضيع المختفي من مهده في المدينة، كالنار في الهشيم،استظهر رجال الأمن ورقة الإذن بدخول الشقة للتحري عن الحادثة بعد  أن أمروا جارتيْها بحملها إلى بيتها، أين كانت كل الأبواب مفتوحة حتى باب غرفة نومها المُحاذي لسريرها الكبير، ذلك الباب الذي انبعث من ورائه فجأة صوت بكاء رضيع  يُعلن عن حاجته لحليب أمه.

بقلم: فريدة بلفراق.

توثيق: وفاء بدارنة 



                                                                               

                                                                         .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق