حبٌّ ومعطفٌ وردي...!
النادي الملكي للأدب والسلام
حبٌّ ومعطفٌ وردي...!
بقلم الشاعر المتألق: سمير بن التبريزي الحفصاوي
حبٌّ ومعطفٌ وردي...!
✍️ سمير بن التبريزي الحفصاوي – تونس 🇹🇳
كان يحبّها ويهيم بها، دون أن تعرف عن مشاعره شيئًا... ظلّ ينتظرها على رصيف العمر، وفي محطاتٍ ألف الوقوف فيها، وفي مراسٍ اعتادت سفنها الرسو فيه.
كان يذكرها في كلّ غروبٍ خريفيٍّ غائم، مطرّزٍ بالأحزان والأشجان... وفي الصباحات الشتوية المفعمة بالحنين الفيروزي والاشتياق الرحباني... لكنها كانت لا تعلم عن حبّه شيئًا.
ذاتَ يومٍ في السوق، استوقفه معطفٌ ورديٌّ معروضٌ على واجهة محلّ لبيع الملابس. أعجبه لونه الطفوليّ، وتخيّله على حبيبته، يزيدها جمالًا ودلالًا.
هاجه الشوق، وزاد الهيام هيامًا...
أحبّ المعطف، وأحبّها من خلاله.
اقتناه ولهًا، دون مساومة، كأنه معطفُ الحبيبةِ المفترضة، المعطّرُ بالأماني وخيالِ العاشق المجنّح بالحرمان...
رجع به إلى منزله، علّقه على الجدار، وظلّ يترصّد ويتحيّن الفرصة ليهديه إليها... لكنها لم تعرفه أصلًا.
طال به الأمد، فأحبَّ المعطف، وأضحى يرى من خلاله وجهها... يحاكيه، يغازله صباح مساء، منتظرًا على رصيف العمر، والخجل، والحرمان...
ويقول:
> يا أنتِ...
ارتدي ذاك المعطف،
ألا تعرفين كم أنا مشتاق؟
شوقي من لهفتي لا يُوصف...
أريدك أن تعرفي...
> البسيه، وارتدي معه معنى الفخامة،
والقيافة، والأناقة...
إن قلبي من صميم الشوق ينزفْ
ليتك تعلمي... ليتك تعرفي...
> يا معطفًا باللّون الورديّ الطفوليّ،
سرق الألباب، وظلّ يخطفْ...
ارتديه، أيتها الحبيبةُ الغائبة...
فأنا المنتظر على رصيف العمر،
أنا المنسيّ في الزمان والمكان،
أرتجفْ...
> آهٍ من ليالي الوجد،
هاجت الأحلام والآمال من جلال الموقفْ...
ارتديه، متّعي أنظارنا،
واجمعي أشلاءنا،
وارفقي بما تبقّى من وجداننا...
واجعلي أزراره كالنجوم في أسحارنا،
واجعلي من ومضها طائراتٍ تقصفْ...
> ارتديه...
ازهري بلونه الورديّ،
أنيري دروبنا بزهور البرّ،
واجعلي كلامي من بحور الشعر ينبني،
بالأحرفْ...
> وانثري الأزهار في رياض العمر نرجسًا،
واصبغي قطرات الندى بلون الزهر وردًا،
حتى ألثم، ثم أقطفْ...
> يا سفينة العمر، أبحري في ثنايا المعطف،
واجعلي لي الأكمام مضيقًا،
علّي أرسو حين أبحر بالشوق، عكس الريح،
منهكًا من تعبي، وأنا أجدّفْ...
> أبحث عن مرسى في لونه الورديّ،
ربّما حين تمطر،
ألتقي بغيث اللقاء في المدى،
حين يسافر القطر في الأديم والثّرى،
أشرب من نبعه الريّان، ثم أغرفْ...
> من أجله كرهتُ كلّ المعاطف،
يا أنا العطشان عطشًا لا يُوصَفْ...
إن تركته أدراج الخزانة مهمَلًا،
أموت بالشوق، كلّ يومٍ ألف مرّة...
إن أنتِ أهملتِني... والمعطفْ.
✍️ سمير بن التبريزي الحفصاوي
– تونس 🇹🇳
توثيق: وفاء بدارنة


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق