السبت، 12 يوليو 2025


✅ صباحات حبّ سومريّ

النادي الملكي للأدب والسلام 

✅ صباحات حبّ سومريّ

بقلم الشاعر المتألق: شزقي كريم حسين 

✅ صباحات حبّ سومريّ

(إلى سومر، التي تسكن تراتيلها)


نُقبِّلُ صباحاتِكِ يا سومرُ،

أهوارُكِ تقرأُ الفجرَ في كتابِ الماء،

وجهُكِ – منديلُ الغيم –

يمسحُ دمعَ الوقتِ بأصابعِ النخيل.


يا أُمَّ الزمانِ الذي تعمَّد

في دجلةَ والفرات،

يا عودَ القصبِ حينَ يُغنّي

فيرتجفُ الطينُ من النشوة!


كلُّ أغنيةٍ خرجتْ من فمِ الموج

كانت من حبركِ،

كلُّ أنثى مشتْ في طرقاتِ الحنين

تحملُ منكِ نداءَ الشوقِ الأوّل.


أقصدُكِ يا سومر،

وفي صدري قبلةٌ ضلّتْ

منذ سبعةِ آلافِ عامٍ تبحثُ 

عن شفتيك.أقصدُكِ،

وفي يديَّ رغيفٌ ساخنٌ

سرقتْهُ أمي من تنّورها

لتُطعمَ جوعَ روحي حين تراكِ.


أيتها التي وضعتِ القمرَ قلادةً في

 عنقِ الليل، وقلّمتِ أظافرَ الحربِ

بحنانِ عذراءٍ تخيطُ ثوبَ السلام،

أقبّلكِ الآن،

قبلةً تمتدُّ من سومر

حتّى آخرِ رعشةٍ في شريانِ الأهوار!


يا امرأةً من طينٍ وعطرٍ

وأمثالٍ منقوشة،

أحببتُكِ وأنا طفلُ المنفى،

وليدُ الخراب،

آخرُ الهائمين في متاهةِ الحنين.

كيف؟

ورائحةُ الخبزِ في كفِّ أمي

تدلّني عليكِ كلَّ فجر،

كأنكِ وعدٌ لا يخيب،

لأنكِ صلاةٌ نزلتْ من نخلة.


أدخلُكِ

كما يدخلُ السالكُ إلى محرابٍ خفيّ،

يرتّلُ أسماءَ الآلهةِ

ولا يجرؤ على النطق.


أدخلُكِ...

وسماءُ عينيكِ تمطرُ نبضًا،

تُنبِتُ في دمي

حقولَ قمحٍ لا تعرفُ الجفاف.


أدخلُكِ،

وفي قلبي صدى "إنانا"،

ترقصُ فوق ميازيبِ الشوقِ

كأنها قصيدةٌ من ليلٍ ونار.


سومر،

يا معراجَ الغيمِ إلى صدورِ العذارى،

يا رفيفَ الحنينِ في صوتِ النداءاتِ 

البعيدة، من أينَ جئتِ بكلّ هذا العطر؟

من أيِّ ضلعٍ نُحِتَ جسدُكِ الفاتن

لتكوني للدهشةِ أُمًّا،

وللكلماتِ ملاذًا؟


يا امرأةً تحملُ في خُطوتِها

ألفَ غيمةٍ،

وفي ضفيرتِها

ألفَ عامٍ من الأسى والفرح،

أُحبّكِ كما أحبّ "كلكامش" خلودَه

 المستحيل،وأحبّتْ "شُبعاد" تاجَها،

رقصتْ للعشقِ في حفلةٍ لا تنتهي...


امنحيني جرّةَ الطين،

اجعليني نقشًا على لوحٍ من خمر،

افتحي ليَّ بوّاباتِكِ القديمة،

دعيني أرتّلُ في حضرةِ جسدكِ

كما يرتّلُ المنفيُّ في حضرةِ وطن.


أنا آخرُ السومريين،

أحملُ وردةً من بردٍ ونار،

أبحثُ عنكِ:

في دمعةِ أمّ،

في يدِ خبّاز،

في ابتسامةِ طين،

في رعشةِ ليلٍ يشتهي قمراً

من ضفائركِ...!

بقلم : شوقي كريم حسين 

توثيق: وفاء بدارنة 






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق