مناجاةٌ تحتَ الركامِ
النادي الملكي للأدب والسلام
مناجاةٌ تحتَ الركامِ
بقلم الشاعر المتألق: الكعبي الكعبي ستار
مناجاةٌ تحتَ الركامِ
تناجيني وصمتُ الدهرِ أرّقَ بالَ صاحبِهِ
بأنواعِ الهمومِ وأمطرَ المأساةَ فيضاً من مدامعِهِ
تناجيني أنا المفجوعُ بالإنسانِ بالدنيا
بهولِ مصيبةٍ لم تجرِ في أزمانِ ماضيهِ
تناجيني حياتي كلُّها طفٌّ بها شمرٌ ولكنْ لا أُقاضيهِ
أما تدري بأنّي لقمةٌ ما بين فكّيهِ
وموتُكَ في ضميرِ العالمِ الجاني على همّي
كدمعٍ باردٍ ما بين عينيهِ
وصوتُكَ عَيُّ أهلينا ينادي صمَّ أذنيهِ
أما تدري بكائي صارَ وقراً في مسامعِهِ
وروّى جدبَ ارضٍ من مدامعِهِ
أما تدري بسيفِ الحقدِ حزَّ الراسَ جلادي
بلا واقٍ ومن جيلٍ إلى جيلٍ
تناجيني.... وليتكََ لم تناجيني
أما تدري مناداةُ لأطفالٍ بغزةَ ترتدي حزناً
وتحتَ القصفِ قد ماتوا
نساءٌ باكياتُ كم تُرى جزراً
دمٌ....صرخاتُ مفجوعٍ بلا غوثٍ
تناديهمْ ...... تعاتبهمْ
بدمعِ الآهِ أينَ العُرْبُ عن ذبحي وعن جرحي
تناجيني...ولكنّني أريدكَ ان تناجيني
فإنَّ الموتَ أحياني
وموتُكَ يومَ طوفاني
فلا تبكِ انكساراً في محافلِهمْ
بكاؤكَ أيقظَ الجرحَ الذي مازالَ ينزفُ حزنَ ترحالي
ولا تسكتْ... سكوتُكَ ضحكةٌ في وجهِ قتّالي
فواظلما لعاهرةٍ ذوي الأموالِ قد فاضتْ عطاياهُ
وسوطُ الجوعِ أبكانا على عتباتِ سكناهُ
وواغبنا متى يا عيدُ تأتينا
وبالأفراحِ ترمينا
فلا أملٌ يواسي الدمعةَ الحرّى
ولا الأحزانُ في ليلي لها قمرٌ
ومن خوفِ الرّدى الآتي تهاوتْ كلُّ أحلامي
وصبحي ما بهِ ظفرٌ
وجدبي حُلْمُهُ مطرٌ
وانفاسي غدتْ من وجدِها سجناً
وليلي كلُّهُ حذرٌ
وللأفراحِ نفسي فارقتْ ألحانَها دهراً
ويومي كلُّهُ كدرٌ
وعقلي ما بهِ نظرٌ
فلا تسكتْ...سكوتُكَ هدَّ إزماعي
فمنذُ طفولتي أبكي لأوجاعي
وأنتَ البائسُ المسكينُ في حُلُمي وأوهامي
شموسُ الحبِّ قد غابتْ
ولم يظهر لها فجرٌ بأيامي
فلا تحلمْ...ونفسُكَ لا تمنيّها...وعينُكَ لا تقلّبها
لأنكَ أشعثٌ للرأسِ في سِفْري
لأنّكَ مأتمٌ من غيرِ عرسٍ يرتدي فرحاً
وحُلْمُكَ بالزهورِ بدميةٍ تلهو بها مرحاً
لأبناءِ القصورِ الفارهاتِ ومومسٍ تُغري
ونحنُ لنا مذاقُ الفقرِ...بيتٌ ما بهِ سقفٌ
حِمامُ الموتِ والحرمانُ...دنيا كلُّها عنفٌ
لنا عسرٌ بهِ تغبٌ
وعيشُ كلُّهُ تعبُ
لنا بينَ الشفاهِ قيودُ همسٍ من فجيعاتي
ضياعٌ في متاهاتي
وأرضٌ سبخةٌ ثكلى
غيومٌ ما بها مطرٌ
مُصفَّدةٌ يداها بطنُها حُبلى
تناجيني ... ولكنّي أريدُكَ أن تناجيني
.........................
الكعبي الكعبي ستار
توثيق: وفاء بدارنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق