*** في عتمة الحافلة. ***
النادي الملكي للأدب والسلام
*** في عتمة الحافلة. ***
بقلم الكاتب تيسير المغاصبة
*** في عتمة الحافلة. ***
سلسلة قصصية
بقلم: تيسير المغاصبة
*** عشية الربيع. ***
- ٢ -
عبر أثير الحافلة، ارتفع صوت الرجل
الأجش وهو يقول بفخر:
"بِهِمّة الأبطال الأشاوس، تم القضاء على حركة التمرد تمامًا، ويجري الآن البحث عن ما تبقّى من العصابات المسلحة المختبئة في جحورها!"
كانت أيدي جميع المسافرين مكبّلة خلف ظهورهم، حتى النساء والأطفال، وكانوا جميعًا عراة تمامًا، كما لو أنهم في يوم الحشر.
في مقدمة الممر، يقف جنديان مدججان بالسلاح. تمر امرأة غانية، عارية تمامًا، تعمل معهما. تقف أمام كل مسافر للحظات، لكنها تُطيل الوقوف أمام الشاب الصغير، حتى إذا حرّكت فيه ساكنًا، أبلغت الجنود، فينقضّون عليه ويقول أحدهم:
"تعالَ هنا يا ابن الـ.......... تريد الاستماع، أليس كذلك؟"
ثم يجرّونه خارج الحافلة، ليُعذَّب حتى الموت، ويُمثّل بجثته وهو لا يزال حيًا.
عندما وصلت المرأة إلي، أغمضتُ عيني، لكنها قالت آمرة:
"افتحهما وانظر إليّ، يا أخو الـ.......... وإلا اقتلعتهما من محجريهما!"
فنظرتُ إليها كما أمرتني، لكن ذلك لم يحرّك بي ساكنًا، وإنما تبلّل سروالي من شدة الذعر.
فتركتني وتابعت مرورها.
صرخ أحد الجنود، وهو يُطلق الشتائم البذيئة:
"هنا لا يوجد رجال! لا يوجد ذكور أبدًا! سمعتم؟ والآن رددوا ورائي!"
فكرّر الجميع بصوت واحد:
"نحن لسنا رجالًا!"
ثم قال:
"والنساء عاهرات؟"
فردّ الجميع:
"والنساء عاهرات؟"
والأغرب من ذلك، أن بعضهم كان يُكبّر أثناء القتل والاغتصاب!
هم ليسوا استعماريين، ولا إسرائيليين... فمن يقصدون إذًا بالتكبير؟!
...
تظهر رؤوس الجميع من الحُفر، بعد أن طُمِرت بقية أجسادهم فيها.
لكني لم أرَ نفسي بينهم، فتساءلت في داخلي:
"يا تُرى، أين أنا؟ أأنا حيٌّ أم ميت؟ موجود أم غير موجود؟"
قال أحدهم بصوت عالٍ، وهو يُثبّت الخنجر الحاد على مقدمة سلاحه:
"تريدون تغيير ربكم، هاه؟! لكنه ربكم، كيف تجرؤون على تغييره، يا أولاد الـ........؟!"
وقال آخر:
"والآن، ردّوا ورائي يا أولاد الـ........ من هو ربكم؟"
فردّ أحدهم، وكان شيخًا مسنًا ملتحيًا:
"ربي وربكم الله."
لكن تلك الإجابة لم تُرضِ الجندي، فصرخ قائلًا:
"ماذا قلت أيها الـ........؟! أنت مخطئ، لا تعرف ربك الحقيقي. سأخبرك أنا من هو ربك!"
ثم وضع بسطاره فوق رأسه، وقطع لسانه.
نظر إلى البقية، وكرّر السؤال:
"من هو ربكم؟"
فأجاب الجميع بما يريدون سماعه، بذكر اسم من يرضى به الجندي.
فقال الجندي:
"نعم، هكذا... فهو إلهكم! أتفهمون؟ إلهكم! لا تنسوا ذلك!"
فردّ الجميع:
"هو إلهنا."
ثم قاموا بالتبول على رؤوسهم جميعًا،
قبل أن يذبحوهم ويفصلوا رؤوسهم عن أجسادهم.
لكنني لم أرَ نفسي، ولم أشعر بأي بلل أو ألم...
هل أنا حيٌّ أم ميت؟
"وللقصة بقية..."
✍️ تيسير المغاصبة
توثيق: وفاء بدارنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق