حُلمٌ في ليلةٍ مُمطرة
النادي الملكي للأدب والسلام
حُلمٌ في ليلةٍ مُمطرة
بقلم الشاعر المتألق: الحاج كريم ال سعيد
حُلمٌ في ليلةٍ مُمطرة
ثملنا من خيوطِ الليل
المثقلةِ بالآهاتِ والأوهام...
مع تساقطِ المطر،
في ليلةٍ معتمة،
حلمتُ أنني أمتطي صهوةَ حصان،
وسيفي من ورق،
أركضُ وراء السراب،
عسى من لُجَّةٍ تُطفئ ظمئي،
وتُداوي قلبي الممزق.
ليلٌ تخلّى عن نجمه،
هديرُ المطرِ يهزّ المضاجع،
ولا زالَ الضبابُ عالقًا
في عتمةِ النهار...
أرقبه وهو ينزلُ ندىً،
يرسمُ برذاذه دوائرَ بلوريةً
على زجاجِ نافذتي،
ثم تختفي
لتُبدِّد عتمةَ الخوفِ التي شلَّت بدني.
جلستْ ملهمتي...
والليلُ في عينيها،
تتأمل دفءَ النهار.
جلستْ ناعسةَ العينين،
وموجٌ بهمْسِ الملذّاتِ
يتناثر بشذى العطر،
فيدفئني البردُ،
ويُلهمني منها جمرًا...
جلستْ،
وأنسامُ عطرها تُنعشني
وهي تُعدّ الموقدَ الخامد،
تسكنُ في جوانحي
رغبةُ الاحتضان.
جلستْ،
والمطرُ يجمعني معها،
ومن إشراقةِ وجهها
أرتشف قهوةَ الصباح...
تزهرُ — كصقيع الثلج — خدّاها،
تطرق شغفَ قلبي بلطفٍ وارتياح.
فراشةٌ ترقصُ،
متمايلةً على ورقِ الأشجار،
وابتسامةُ ثغرِها...
ابتسامةُ المطرِ في شمسِ الصباح.
ترتشفُ قهوتَها،
وفي شفتيها يسكن المرجان،
فتأتي الشمسُ خجلةً...
على استحياء.
أصرخ:
أسقِط، يا مطر!
واغسلْ جراحَنا الجاثمةَ في الأحشاء.
جلستْ،
تُلمْلمُ خصلةَ شعرِها
المتموّجة، المنسابةَ على الوجنتين،
يقطرُ منها المسكُ والريحان...
كأنَّه الليلُ
يُغطّي الأفقَ بوشاح.
نطقتْ:
"اقترب... التمِس دفئًا."
قلتُ:
"دعيني، من وهجِ وجهِك، أتدفّأ."
ضحكتْ...
وملأتني بخمرِ أنفاسِها،
وبهاءُ نورِها
جعلَ من مرِّ قهوتي... مذاقَه شَهدًا.
فصحوتُ...
ووجدتُ رحلتي
عبر حُلمٍ
أرهقَ صمتَ الليل...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق