الثلاثاء، 22 يوليو 2025


في زقاق الحلم المكسور

النادي الملكي للأدب والسلام 

في زقاق الحلم المكسور

بقلم الشاعرة المتألقة: نور شاكر 

في زقاق الحلم المكسور

✍️ نور شاكر

كنتُ طفلًا

لا يطلب من الدنيا سوى كرةٍ من قماش،

أو ضحكةٍ تُؤنسه قبل النوم.

كنتُ أرى العالمَ واسعًا

كحُلمٍ جديد

تملؤه الألوان والأراجيح،

وأحملُ في عينيَّ دهشةً لا تعرف السواد.


لكنَّ الفقر...

ذاك الوحشُ الذي لا يحملُ سيفًا،

بل يأتي بجيبٍ فارغ، وقلبٍ مثقوب،

جاء مبكرًا،

وجلسَ عند باب بيتنا كضيفٍ لا يُغادر.


كان أبي يعدّ الأرغفة على أصابعه،

وأمي كانت تخيط ثيابًا من ثيابٍ قديمة،

ولم يكن لي من أحلامي

سوى ظلّها يرافقني،

حين أنام على الأرض الباردة.


كنتُ طفلًا...

وماتت طموحاتي قبل أن تولد،

قبل أن تتنفس،

قبل أن تعرف اسمها،

قبل أن تعيش لحظةً في الحياة.

كأنّها خُلقت في رحمِ الأمل،

وماتت في لحظةِ الفقر.


أردتُ أن أكون طيّارًا،

لكنَّ الحذاء المثقوب

كان يُعيدني إلى تراب الحيّ

كلما هممتُ بالطيران.


أردتُ أن أكون شاعرًا،

لكنني لم أملك دفترًا،

فكتبتُ على الجدران،

ثم على كفّي،

ثم على الريح.


كنتُ طفلًا، نعم...

لكن الفقر قتلَ أحلامي البريئة،

خنقها في مهدها،

ومضى.


ومنذ ذلك اليوم،

صرتُ أكبر من عمري،

وصار وجهي يعرفُ التجاعيد قبل الابتسامة،

وصار قلبي خزانةً للخيبات بدل الأمنيات.

أنا... من بقي طفلًا في جسدٍ كهل،

يرى الطفولة في عيون الآخرين،

ويبتسم... بمرارةٍ لا يراها سواي.

بقلم : نور شاكر 

توثيق: وفاء بدارنة 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق