الأحد، 16 مارس 2025


## مَقالَةٌ...##

النادي الملكي للأدب والسلام 

## مَقالَةٌ...##

بقلم الشاعر المتألق: صاحب ساچت 

## مَقالَةٌ...##

      تَعقيبٌ علـىٰ مقابلةٍ إعلاميَّةٍ،

 لا تَخرجُ عنْ إطارِ أحد المصطلحاتِ 

الآتيةِ في مجالِ النَّقدِ الأدبي المُتَوازنِ.

     """""""""""""""""""

أولًا:- مصطلحاتٌ في النقدِ الأدبي  

 يُلْزَمُ تَعريفُها...

* النَّقدُ:-

فعلٌ غيرُ منحازٍ يوضِّحُ الإيجابياتِ 

وَ السلبياتِ دونَ إعتداءٍ أو إتهامٍ.

* نقدُ النَّقدِ:-

     يدورُ حولَ قولٍ نقديٍّ بذاتهِ، 

وَ فحصِهِ، وَ مراجعةِ مصطلحاتِهِ 

وَ بُنيتهِ المَنطقيَّةِ.

* الإنتقادُ:-

    فعلٌ يهتمُّ بِتَصيِّدِ الأخطاءِ 

وَ اكتشافِ مواضعِ الخللِ من

 دونِ تصويبٍ.

ثانيًا:- أصلُ الموضوعِ

      قناةُ (أي نيوز ــ I News Tv)  استضــافَتِ الدكتـورَ علي النَّشمي، مؤلفُ (٢٣٠ كتابـًـا) وَ أُطْلَقَ عليـــهِ 

لَقبُ (الموسوعيِّ العراقي) منْ قبلِ أمناءِ المكتباتِ في الجامعاتِ الَّتي أرسلَ إليها مؤلفاتِهِ.

        وَ إنْ لمْ يكنْ التلفازُ سابقًــا،

وَ منصــاتُ التواصـلِ الإجتمــاعي لاحقًا، إضافةً إلـىٰ الجامعاتِ الَّتي تحتفظُ بمؤلفاتهِ، أو دَرَّسَ بهــا.. 

لكانَ حالُهُ حالَ آلافٍ مؤلفةٍ مِمَّنْ يَحملونَ درجةً علميةً (دكتوراة).

البدايـَـةُ:-

       وَجَّهتِ الإعلاميَّةُ سُؤالًا مَفادُهُ:

ــ كيفَ تُقَيِّمْ الثقافةَ العراقيةَ حاليًا؟ أجــابَ الدكتور

ــ "هناكَ أُفُولٌ في الثقافةِ العراقيةِ،

  الثقافةُ العراقيةُ أصبحَتِ اِجترارًا!"

  وَ بصراحةٍ.. كَلمةُ "اِجترار" جاءتْ إستفزازيةً،  أثــارتْ حفيظةَ الّذين يكتبونَ أدبًــا حديثـًـا في منصـاتِ التَّواصلِ الألكتروني لأسبابٍ تتعلقُ

بظروفٍ موضوعيةٍ وَذاتيةٍ متداخلةٍ، أذكرُ النَّزرَ القليلَ مِنها:

* لُغةُ العصرِ اِنحصرتْ بشكلٍ كبيرٍ

في منصاتِ التّواصلِ، قراءةً وَ كتابةً 

وَ متابعةً.

* صعُوبـةٌ مـاديَّةٌ تُواجـهُ طبعَ وَ نشرَ 

وَ توزيعَ الكتابِ الوَرقيِّ، بلِ اِستحالةُ وصولَ المطبوعِ في الوطنِ العربي 

إلـىٰ المُتلقِّي في أطرافِ المعمورةِ،

من حيثُ الكلفةِ وَ اللُّغةِ وَ السُّوقِ، 

وَ النَّقلِ.

* الكتابُ الورقيُّ بحاجةٍ إلـىٰ تعريفٍ مسبقٍ، وَ ترويجٍ إعلانــيٍّ، وَ تعريفٍ بالكـاتبِ؛ وَ هـٰذا معدومٌ ابتداءً، في 

عالمِ السرعةِ وَ التكنلوجيا، مقارنةً بسهولةِ وَ سرعةِ التَّواصلِ وَ تبادلِ الأفكــارِ معَ الآخــرينَ عَبرَ قنواتٍ الكترونية عديدةٍ، وَ بالمجان..

موثوقةٍ وَ أمينةٍ إلـىٰ حَدٍّ مَـا.

    منْ هُنا.. لَجأَ الكِتَّابُ وَ الأدباءُ،

وَ بخاصّةٍ مِمَّنْ هم حَديثُو العهدِ

بنشرِ إبداعاتهم، في تلكَ القنواتِ.

فالسؤالُ هُنا..

هلْ هـٰذهِ الأسبابُ وَ غيرُهـا، حَقيقةً أنتجتْ (أدبًــا مُجترًا)، ممَّــــا حـَـدَا بالثقافــةِ العراقيــة أنْ تَتردَّىٰ إلــىٰ

حـالةِ الأفـــولِ، وَ غيرُ ذاتِ جَدوىٰ 

فنيًّـــا وَ جماليًّـــا، لِغيـــابِ النَّقــدِ 

وَ التَقويمِ؟

هلْ يتحمّلُ الكتَّــابُ و الأدباءُ هـٰذهِ الوَصمَةُ؟


ثالثًا:- مفهومُ الاجترارِ

       لِنأخـذَ كلمةَ ( الاجترارِ ) الَّتي 

وَصَمَ بهَا (د. علي النشمي) الثقافةَ العراقيـــةَ - دونَ أنْ يستثني أحدًا.

وَ نُعقِّبُ عليها قليلًا، وَ نتركُ غيرَها

لِمَنْ كتبَ أو يكتبُ بقـدرِ مــا يتعلقُ الأمــرُ بالأدبِ الحـديثِ، وَ المَـبْثُوثِ

في وسـائلِ التَّواصـلِ الإجتمــاعي.

فما مَعنىٰ مفهومِ الاجترارِ؟

* في علمِ النّفسِ..

الاجترارُ Rumiation إهتمامٌ مُرَّكَّزٌ علـىٰ أعـراضِ وَ عــواقبِ حـدثٍ أو مشكلةٍ ما، وَ علـىٰ أسبابِها وَ نتائجِها المُمكنةِ، دونَ التَّركيزِ علـىٰ حلولِهــا.

بِحسبِ نظريةِ ( فولين هوكسيما في ١٩٩٨ Volen - Hoeksema)

* آخرُ.. يُوعزُها إلـىٰ استجابةٍ لحالةٍ مزاجيةٍ، نتيجةً للفشلِ الَّذي يرتبطُ بالقلقِ، وَ هو شُعورٌ سلبيٌّ، وَ تَعَاقِبُهُ يُسبِّبُ الكآبةَ!

فيكونُ للاجترارِ دورٌ مهمٌّ في تطورِ أعراضِ إكتئآبِ الإنسانِ، سواءٌ لدىٰ النســاءِ أو الرجــالِ مع فروقــــاتٍ واضحةٍ تبعًا لذلكَ.

     فالنســاءُ تميلُ للاجترارِ عندَمــا يَكْتَئِبْنَ بِنسبةٍ عاليةٍ، مقارنةً بالرجالِ الّذين يميلــونَ لِتَلهيـــةِ أنفسِهــــم.

       وَ بناءٌ علـىٰ هٰذا الرَّأي في علمِ النَّفسِ، فإنَّ اجترارَ الأفكـارِ، حـالةُ تفكيرٍ أو تركيزٍ مستمرٍّ، علـىٰ أفكارٍ 

أو مخــاوفٍ متكـرّرةٍ، وَ سلبيــَّةٍ في 

ذهنِ الشخصِ.

* وَ عمليةُ الاجترارِ المتعارفِ عليها

تتمثلُ باسترجاعِ الطّعامِ بعدَ تناولِهِ،

وَ قطعًــا عندَ الإنسانِ السَّــوي هٰذا الإضطــرابُ سلــوكٌ غــيرُ مقبــولٍ اجتماعيًّا.

* أمَّــا في الأدبِ، وَ هٰذا ما يَهمُّنـــا

تحديــدًا، لِلتعقيـبِ علـىٰ الدكتــور

(الثقافةُ العراقيةُ اصبحَتِ اِجترارًا)!

بِمعنىٰ.. إعـادةُ الكلامِ نفسِهِ في كلِّ مرَّةٍ، كَأنْ يَكتفي الشاعرُ باعادةِ نصٍّ ســابقٍ، لهُ أو لغيرهِ، معَ إجـراءِ تغييرٍ بسيطٍ لا يمسُّ الجوهرَ.

وَ قدْ يُكرِّرُ (الأديبُ) الأفكارَ السلبيةَ

أو المُقْلِقَةَ في ذِهنهِ، وَ الّتي ترتبطُ بمشكــلاتٍ تؤثرُ علـىٰ حيــاتهِ، مثلُ: القلـــقُ وَ الإكتئـــآبُ وَ الوســـواسُ القَهـري... هـٰكذَا بهذهِ البَســــاطةِ!

فهلْ يُعقلُ أنْ ننشرَ إعمــامًــا بهذهِ الحِدَّةِ وَ القُسوةِ، وَ نَسقطُ الإبداعاتِ الثقافيةِ تحتَ طائلةِ مفهومِ 'اِجْترارٍ' إبتَدعَهُ - للأسفِ - دكتورٌ مَوسوعيٌّ، 

لهُ باعٌ طُولَـىٰ في ميدانِ المعرفـــةِ وَ تأريخِها وَ تطبيقاتِها في هٰذا البلدِ أو ذاكَ؟

         أَخيــــــرًا...

     أَرجُو - مُخلصًــا- أنْ أجــدَ مثلَ الكثيرينَ مِمَّنْ يكتبُ وَ ينشــرُ تحتَ عنـوانِ (الإبـداعِ الأدبــي العراقــي) مُسوَّغًـا علميـًا وَ إخلاقيًـا لِمفهـومِ الاجـترارِ الّـذي وَردَ علـــىٰ لســانِ الدكتور، واصِفًـا الثقافةَ العراقيـةَ حاليًّا.. بِهِ، دونَ تحديدٍ أو استثناءٍ.

معَ التقديرِ لكلِّ رأيٍّ يُطرحُ ضمنَ قاعدةِ احترامِ الرَّأي، وَ يصبُّ في بَوتــَقةِ تَلاقــحِ الثَّقــافــاتِ، بَغْيةَ 

إحقـاقِ الحَقِّ، وَ رفعَ شـأنِ قيمَةِ

 الأدبِ وَ الثقافةِ، وَ احترامِ الغَيْرِ! 

      (صاحِب ساجِت/العِرَاق)

توثيق: وفاء بدارنة 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق