حين تنشرح النفوس وتغمرها الدعة
النادي الملكي للأدب والسلام
حين تنشرح النفوس وتغمرها الدعة
بقلم الشاعر المتألق: محمد نجيب غالمي
((حين تنشرح النفوس وتغمرها الدعة))
بعد سبع سنوات متتاليات من القحط وشح السماء، وإذ طال الانتظار من احتباس المطر، تضاربت آراء الناس ومواقفهم؛
فمنهم من فسر هول الجائحة بالتغير الطارئ في منظومة الأحوال الجوية. وآخرون ردوا الأسباب إلى ما اقترفته يد البشر من المعاصي والآثام. ومهما يكن تبق حكمة الله تعالى ومشيئته في تدبير الشأن هي الفصل الفاصل بعدما ضجت النفوس وخيم عليها اليأس والقنوط..
"وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا".
ومع إطلالة الشهر الفضيل شاء الرحمان للسماء أن تخفض جناح الرحمة لتنفرج، بعد لأي، أبواب المن والعطاء فيتذفق الهطل مدرارا في كل الأرجاء. لقد اطمأنت الخواطر لدوي الرعود وعصف الرياح ووقع المطر. وكلما توالت زخات المطر انتعشت النفوس وتطهرت من أدران اليأس والتدمر. كما انتعشت الأرض العطشى، وتهيأت لتأخذ زينتها وتبدي حسنها وبهاءها. " هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم" النمل:40
في غضون هذا التقلب الجوي الطارئ عادت بي الذاكرة إلى أعوام الصبا إذ استحضرت ليالي الشتاء بزمهريرها، ورياحها النائحة وزخات مطرها ونحن حينئذ في طريقنا إلى المدرسة. وفي أغلب الأمآسي، وفي رحاب بيوتنا المتواضعة، كنا نتحلق حول المجمرة الطينية، نمد أكفنا ونفركها، وسمفونية وقع المطر تتماهى وما تشنف به أمهاتنا أو جداتنا مسامعنا من روائع الأحاجي وجميل النواذر. فما أجمل تلك الليالي! وأعظم بما غمرتنا به من حلو العيش ومره! وشتان بين الأمس واليوم!!
سلا في 12-03-2025
بقلم : محمد نجيب غالمي
روائي
توثيق: وفاء بدارنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق