الجمعة، 9 أغسطس 2024


***  سيمفونية الألم..***

النادي الملكي للأدب والسلام 

*** سيمفونية الألم..***

بقلم الشاعرة المتألقة: عبير الصلاحي 

***  سيمفونية الألم..***

لطالما انتشينا إثر مداعبة الألحان خلجات أنفسنا الوارفة هناءة  . ولكم حلقنا في فضاءات النشوى عقب نقر  النغمات طبل آذاننا  حين الاقتدار.وما أكثر ما تراقصت أرواحنا دعة وروحا بمصاحبة العزف الآثر  وكلماته الفاتنة وقت غياب العجز حين تبت يد المرض عنا  .

إلا أنه متى  ألمح إلينا أحدهم أن تلك الحالة من السعادة والرضا قد تتحقق بمضاد ما ألفناه واعتدنا عليه ،  وإن  الألم أيضا  لكفيل بأخذنا فوق جناحيه إلى عوالم  النشوى الرحبة تلك وليست الراحة وحدها صاحبة اليد في ذلك .لوجدنا أنفسنا  نسرع مجيببن بالنفي القاطع  وباستحالة الجمع بين النقيضين .الألم والنشوى.

 ولكن متى هدأت ثورة الاستنكار منا وأحكمنا عين التدبر في تلكم القضية لأدركنا خطأ حكمنا المطلوق سلفا ولاستوقفتنا تلك العلاقة الوثيقة التي قرنت النشوى بالألم في سيمفونية من زاخات الرضا تسربل الروح حين الوجع .ذلك أننا مع إيلاف النعمة نتجاهل منة الصحة فينا ومع غياب آثار سياط الوجع من باح أيامنا الميمونة نتناسى أداء ضريبة الشكر على ما نحن فيه .ولما أن وصم  الإنسان بأنه "لربه لكنود"  فقد جبل على الإنكار والنسيان كان لا مفر من تذكرته وحتمية ردعه فإذا  بعصا الأقدار وقد تعهدته  بالتهذيب والتقويم   ، وإذ بها  تهوي به من ذروة الصحة والعنفوان إلى  هوة السقم السحيقة وكلما توغل في السقوط هطلت على روحه غيوث الحمد لتزيل ران السخط تلك التي حجبت عن بصيرته إدراك ما هو فيه من نعم منسية أوجبت عليه السجود شكرا كي يحفظ لنفسه أحقية تنعمه بها .

ومع الخوض متوغلا في بحور الألم أكثر فأكثر وأثناء مغالبته  لأمواج الوجع والتماسه أطواق النجاة يجد نفسه وقد طرق أبواب الشفاء جميعها  وجاب فيافي  عقاقيرها المترامية الأطراف آملا منها انتشاله من جب الوجع ووضعه مرة أخرى على جادة طريق الشفاء أو على أضعف إيمان منه ومنها  منحه قسطا من السكينة تلزم وخزات. الألم النعاس ولو لبرهة كي يحتسي بعض عمر بلا ألم.

ومع تواتر الحال بين دعة وفزع .وبين إقبال راحة وإدبار عناء تهب على دربه صبا الرضا فتذرو ما شاب طرق عمره  من حجب التعود على النعمة وتقتلع جذور السخط من نياط فؤاده الناقم سقما .فيهيم خاشعا ملبيا نداء الحمد ساجدا للباري شكرا.أن من عليه بشفاء وأذهب البأس رب البأس  وقوض صروح اليأس ووهبه شفاء ما غادر سقما  حينها فقط  تصحب خطواته راقصة منتشية خطا السعادة  وكلما  تقهقرت  جحافل المرض منسحبة من كسمه المسحول وجعا يهيم سعادة ويطير فرحا وينشيه نسيم الشفا وإذ به   بقفو إثر ألحان السعادة متمايلا مع أنغام الألم الراحلة شيئا فشيئا  تبسم لها رواحه امتنانا وتهز لها الرأس عرفانا بالجميل.ذلك أنها منحته نشوة الخلاص .وأبرأته من جريرة المرض المسعورة .حينها فقط تأسره سيمفونية الوجع فتنشي نفسا استنكرت  جهلا إمكانية معرفة الأشياء بمتضاداتها.فلا يجد  أمامه إلا أن ينكس الرأس إجلالا يحدوه خجل من جهل تغشاه حين اعتياده النعمة .أما  حين السلب فقد تغشته  أنوار البصيرة فأقر واعترف امتنانا لمن وهبته النشوة المسلوبة وأجرعته  بعد الحزن كأس الطرب والهناء  إنها..  (سيمفونية  الألم )

بقلمي عبيرالصلاحي

توثيق: وفاء بدارنة 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق