*** صَوتُ شَاعِرٍ ***
النادي الملكي للأدب والسلام
*** صَوتُ شَاعِرٍ ***
بقلم الشاعر المتألق: م.فتحي الخريشا
*** صَوتُ شَاعِرٍ ***
هَذِهِ كفُّ يَدِي وَفِي أَصَابِعِهَا نَبضُ أُمَّةٍ غَفَت على وِسَادةِ الأملِ،
وَلَا زَالَت تَحلُمُ بِٱلرَّجَاءِ،
أُمَّةٌ تَغْفُو عَلَى صَدَىٰ صَرِيرِ قطبَا ٱلرَّحَىٰ دون دقيقٍ لفخَّارِ شُونَاتِ الجوعِ،
تَحلُمُ بِعَاصِفَةٍ تَحمِلُ ٱلْحِنطَةِ للأجرَان وإن مِن عَوَاصَفِ الغُبَارِ،
تَحلُم بِجَناحٍ يتوكأ على عكازةٍ تُسافرُ بِهِ لأمنِيَاتِ المَسَاءِ،
كُلُّ أَصَابِعِي شَوَاهِقُ تَكْتُبُ سِيرَةَ الخَلاصِ مِن نَزفِ مُهْجَةِ أسفارِ الضَّيَاعِ،
يَدٌ تُهدهِدُ فِي لَيلِ ٱلْأَسَىٰ شَهقات أحزانِ الشَّقوات،
تَنبُضُ بِأَلْفِ ألفِ قَلبٍ مَدفُون في هوَّاتِ الشَّقَاءِ،
قلوبٌ قُبِرَت تحتَ كثِيبِ الرَّمَادِ وَلَمْ تُؤَبَّن بِأكفَان،
هٰذِهِ يَدِي بِسَاط تفترشُهَا جِرَاحُ لأَوَاءِ الحِرمَان،
هذا وَجْهِي لَيسَ صَفْحَةً لِرِيحِ ٱلنَّفْيِ بَلْ صَخْرَةٌ فوق عَالِي جبلٍ تُرَتِّلُ نَشِيدَ ٱلصَّبَاحِ فِي عَينِ كُلِّ زَوبَعَةٍ من قهرِ الظُّلمٍ،
صَخْرَةٌ تَصدُّ كُلِّ عَاصِفَةٍ من دُهْمَةِ الظَّلمَاء،
مَلَامِحِي مَخْطُوطَةٌ نُقِشَت عَلَيْهَا أَسْمَاءُ ٱلصَّامِتِينَ المُضطَهَدِينَ،
فِي عُيُونِي حُقُولٌ تَنبُتُ خُضرَةَ ٱلْأَزهَارِ،
تَنبُتُ أَنوَارَ ٱلْإِشْرَاقِ مِن آمَالِ ٱلْإِنسَانِ،
فِي سُكُونِ صَمتِي أَحزَانُ ٱلْمَسَاكِينَ،
أحزَانُ المَنفِيِّين في غائِرِ الجِرَاحِ،
أسِيرُ قُدُمًا نَحوَ الحَقِّ وَلَوْ كَانَ ٱلطَّرِيقُ مَروِيًّا بِدِمَاءِ العَذَابِ،
هٰذِهِ خُطَايَ وإِن عَارِيَةً فَوقَ دَربِ النَّارِ فإِنَّ آصِرَة ٱلْسَّوِيَّةِ تَسْتَحِقُّ أَن تُروَىٰ مِن مَطرِ الرُّوحِ لِيزهرَ الٱنتِصَارُ،
المُؤمنُ أوَّلُ ٱلْمَاشِي نحوَ كامَلِ الإيْمَانِ،
أوَّلُ ٱلْقرابِين فداءً لِتحقِيقِ الخلَاصِ،
هَذَا صَوتِي يُسَافرُ مَع سُحُبِ ٱلرَّعدِ،
صَوتِي لَا يَسْكُنُ حَتَّىٰ يُقِيمَ الجَونَاءَ في كَبِدِ ٱلنَّهَارِ،
صَوتِي ٱنفِجَارُ بُركَانٍ تَحتَ ٱلسَّمَاءِ،
يَنفَجِرُ من صَمتِ ٱلْقُيُودِ المَحبُوكة مِن ذُلِّ الخُنُوعِ،
يُرَصِّعُ النُّجُومَ عِقدًا علىٰ صَدرِ أحلامِ النَّجَاةِ مِن الٱسْتِعبَادِ،
يَهتفُ بِرَحرَحِ الأمَلِ في صَمتِ غُيُومِ السِّيَادةِ لهُطُولِ مَطرِ حقيقة النَّمَاءِ،
يَهْتِفُ بأرجَاءِ ٱلنِّدَاءِ ليُنطقَ الإِرادَةَ النَّائِمةَ في مُخدرِ العَادَة والتَّطبِيعِ بِلهِيبِ الٱشتِعَال لِلٱسْتِقَاظِ،
لَنْ يَصمتَ ٱلرَّعدُ حَتَّىٰ تُنصِتَ ظُلُمَاتِ ٱلْأَرضُ لِبَوَارِقِ السَّمَاءِ،
حَتَّىٰ تُنصتَ لِوَقْعِ جَريَانِ نامُورِ الأزهَارِ عَلَى جَبِينِ إشراقةِ ٱلْفَجْرِ بِقُبُلَاتِ الضِّيَاءِ،
حَتَّى تَسْتَفِيق الأنفُسُ من الخِدَاعِ المَنسُوجِ من حَبكَةِ خُيُوطِ العَنَاكِبِ،
فإيهٍ يَدِي تنزفُ الدَّمَ وفي صَوتِي أنِينُ الأشْجَانِ،
ٱلْجُرحُ أخضرٌ لَا يَلتَئِمُ،
يَجأَشُ حُرقَةَ الحَسَرَاتِ،
ٱلثَّورَةُ على الظُّلمِ يَقدحُهَا الزِّنَادُ ولَا تشتعِلُ فيَا لِلخُسْرَانٍ،
ٱلنَّارُ مُطفأةٌ لَا وُقُودَ لَهَا بِهَا يُصطَلىٰ مِن بَردِ هَذَا العَرَاءِ،
مَواقدٌ بِلا حَطَبٍ قد هَجرتهَا القُدُورُ مُنكفأة لِلغَبرَاءِ،
ٱلنَّهْرُ لا يَحمِلُ إلَّا ٱلْأَسْمَاكَ المَيِّتَةَ ويَضربُ قلبَهُ صَولجَانُ الجفَافِ،
النَّهرُ عَلىٰ طَرفَيهِ السِّيَاجُ المُكحِلُ عُيُونَ الحُقُولِ بالمِلحِ والدِّمَاءِ،
الأفقُ ٱخْتَنَقَ بظلمةِ الجُدرَانِ ومطبقِ الأسوَارِ،
ٱلضَّوءُ يَنْكَمِشُ لِٱضْمِحلَالٍ عِندَ كُلِّ خَوفٍ مِن ٱنطِفَاءِ فَتِيلةِ السِّرَاحِ،
أبريَاء جَوعىٰ في غبرَاء الجُوعِ وتحت قصفِ النَّارِ،
الجَوعَىٰ تَلْتَهِمُ لَحمَهَا كُلَّمَا أُغْلِقَتْ عليهَا أَبْوَابُ نَصِيرِ مَدَدِ الغَوثِ،
العيشُ مَهْدًا لِلْمَوتِ إِذَا ما تغطَّت الحَيَاة بِوَحلِ تسلُّط عَنجَهِيَةِ الٱستِبدَاد،
ٱلأقلامُ ترتعِشُ مِن التَّرهِيبِ وتجِفُّ مِن هَولِ الحِصَارِ،
فإيهٍ يَا صَوتِي أصداؤكَ إِلىٰ مَا بَعد النَّاسِ لخوافِي السَّمَاءِ،
أَنَا شاعرٌ مِنْ شُعرَاءِ ٱلْإِنسَانِيَّةِ وشِعري للمَحَبَّةِ علىٰ قِثارَةِ ٱلْأَمَلِ،
كلمَاتِي لَا تُخْفِي عَواصِفَ ثورةِ التَّغيِّرِ لِلحُرِّيَّةِ والسَّلَامِ،
أَنَا الكَاتِبُ الذي تَنزَفُ حُرُوفهُ مَطَرًا لتُحيِي مِنْ جُوعِ تربَاءِ ٱلْأَرضِ القمحَ وٱلنَّخْيلَ والزَّيتُونَ،
أَنَا الأدِيبُ ٱلَّذِي تُزهِرُ أورَاقُهُ غَيْمًا يَصِيرُ فَيْضَ قَطْرٍ مُنهَمِرٌ لِلٱنعِتاق مِنَ الظُّلمَاتِ،
أَنَا ٱلنَّبْعُ ٱلَّذِي لَا يَجِفُّ سُقيَا للْحَقِّ كَي يُورِقُ العَدلَ والحُسَّان،
أنا صَاحِبُ الكَلِمَةِ الَّتي لَا تَنحَنِي لأهوَاءِ النَّفْسِ،
التي لا تسجدُ علىٰ بَلاطِ السُّلطةِ وسِجَّادِ السُّلطَانِ ورُقعَةِ أغبِيَاءِ الظَّلمَاءِ،
لا ولا الّتِي ترَاوِغُ ٱلْحَقَّ لتمرير البَاطَلَ والفسَاد،
كلِمَاتِ ليْسَت لِرمَادِ الحَرَائِقِ لا ولا لِقَتَامِ التُّبَابِ،
فَٱلْحُرِّيَّةُ هِي الكَرَامَةُ الَّتِي تُنتَزَعُ مِنْ بُرَاثِنِ ٱلْخَوفِ وأنْيَابِ الأغْرَاءِ،
أجْنِحتِي ليْسَتْ مِن وَرقٍ تُمَزِّقُهَا عَاصِفَاتُ الرِّيح السَّكرَىٰ بِنَشوَىٰ الهَوجَاءِ،
نفسِي ليْسَت لمَصطَبَةِ النَّخاسِين الأَقْذَاءِ،
هَدَفِي أن أحيَا حُرًّا بِأجْنِحَةِ الجَمَالِ،
هَدفِي أنْ يَحيَا الكُلُّ وأُمَّتِي الكُبرَىٰ في
زَاهِرِ نُورِ الإِنسَانِ.
من ديوان حديقة النور لمؤلفه :
المهندس فتحي فايز الخريشا
( آدم )
توثيق: وفاء بدارنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق