الخميس، 1 أغسطس 2024


***غيرة الأحمق ***

النادي الملكي للأدب والسلام 

***غيرة الأحمق ***

بقلم الكاتب المتألق: طه صلاح هيكل 

***غيرة الأحمق ***

نظرات شاردة في اللاشيء،  سراب يقطع المسافة  بين الحنين إلى الذكريات  ،وبين الواقع الأليم الذي يعيشه  نعمان؛  ذلك الكهل الذي بلغ من العمر أرذله ، ولايظهر عليه أثر السنين ؛ فقد سار في درب العازفين عن المشاعر الطبيعية ، والفطرة الإنسانية  ، نزع  نطفة الإحساس التي توجد في جسده  ،وأصبح جامدا كحجر  صلد  ،لم يترك الوابل على قلبه  نقطة غيث  تحرك  عاطفته  ولو قيد  أنملة  ،

لاولد  ولا بنت  ولا زوجة  ولا أحد يسأل  عنه ،  انعزل عن  الوجود  عكف  على الشرب  لايكاد يفيق من  الخمر ،

لايخرج إلا ليجلبها  من  السوق  القريب من منزله   يأكل  الكفاف   وينفق  من  ريع  منزل  قديم  متهالك  تركه  له  أبوه   ويكاد  يكفيه حاجته  من الطعام  الجاف  الجبن ، والزيتون،  والخبز ، وبعض الخضراوات  الموسمية .

قبل شهور  وهو يمر بين أقسام  المتجر   لفت  انتباهه صياح طفلة  صغيرة  في  يدها  هاتف  كبير  الحجم  تناشد  أمها   أن  تفتح  لها  باقة  الألعاب   وهي تصرخ  وتضرب الأرض  بقدميها  الصغيرتين حتى  وجد  نعمان  نفسه  يقترب  من  الطفلة ليسألها   

ماذا  تعنين  بباقة  الألعاب  صغيرتي ؟ 

أجابت  عندي  ألعابي  على الهاتف  وأريد  أن  أطمئن  على أطفالي الصغار  قبل  أن  يناموا  ! دهش نعمان  من جواب الصغيرة  وتذكر   وهو جالس يحملق  في سقف  الغرفة  ذلك الحديث العابر  بينه   وبين  الطفلة   وغدرت  بقسوته  دمعة   على  ماضيه  الزائف  وأيامه  الخالية  من  أي  عاطفة  

دمعة  ندم  قاسية  مرت  عابرة  على ذكرياته ؛ فتركت في حلقه  غصة، 

أحس  بالغيرة  تقطع  نياط  قلبه   من طفلة لاتتجاوز  الخامسة من عمرها ،


هذه  هي  الحقيقة  ،

 أشعر  بالغيرة  الحمقاء  من بنت!

  لو تزوج  في شبابه  لكانت   أصغر  من  أحفاده؛  

لكن  الزمن   لعب  دوره  معه  عند  عزوفه  عن  مواكبة  الحياة ، 

ثم   قاوم  رغبته  بالبكاء   وصب  غضبه  في كأس  مترع  بالخمر  لعله  ينسى   قسوة قلب   قد  يلين  الحجر  ولكن  قلبه   لايلين. 

بقلم : طه صلاح هيكل 

مصر

توثيق: وفاء بدارنة 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق