سِجِينٌ بَيْنَ قَهْوَةٍ وَسَمْرَاءَ
النادي الملكي للأدب والسلام
سِجِينٌ بَيْنَ قَهْوَةٍ وَسَمْرَاءَ
بقلم الشاعر المتألق: الطَّيْبِي صَابِر
سِجِينٌ بَيْنَ قَهْوَةٍ وَسَمْرَاءَ
فِي زَوَايَا الْقَلْبِ الْمُتَشَابِكَةِ ، أَجِدُ نَفْسِي أَسِيرَ حَيْرَةٍ ؛ قَهْوَةٌ مُرَّةٌ أَرْتَشِفُهَا تُشْبِهُ لَهِيبَ أَشْوَاقِي ، وَبَحْثٌ عَنْ سَمْرَاءَ تُشْعِلُ نِيرَانَ الْحُبِّ فِي أَعْمَاقِي . قَهْوَةٌ بِلَوْنِهَا الدَّاكِنِ ، تَرْوِي حِكَايَاتِ لَيْلِي ، وَسَمْرَاءُ بِمَلَامِحِهَا الْفَاتِنَةِ ، تَحْمِلُ فِي عَيْنَيْهَا كُلَّ أَسْرَارِ الْجَوَى .
كِلَاهُمَا يُغَازِلُ أَحَاسِيسِي . . . فِنْجَانُ قَهْوَةٍ يُشْبِهُ دَقَّاتِ قَلْبِي ، يَحْتَوِي مَرَارَةَ الْفِرَاقِ وَحَلَاوَةَ ذِكْرَيَاتِي ، وَهَمَسَاتُ سَمْرَاءٍ تُذَكِّرُنِي بِشَغَفِ لَحَظَاتِي ، تَنْزِلُ كَزَخَّاتِ مَطَرٍ عَلَى رُوحِي الْمُتَعَطِّشَةِ . . . حِصَارٌ فِي زِنْزَانَةِ قَهْوَتِي بِلَا سُكَّرٍ ، لِأَسِيرِ عِشْقِ سَمْرَاءٍ تَسْرِقُ أَنْفَاسِي . . . كُلُّ رَشْفَةٍ مِنْهَا هِيَ لَحْظَةٌ مِنْ حَيْرَتِي . . . كُلُّ لَمْسَةٍ مِنْ يَدَيْهَا هِيَ وَعْدٌ بِانْغِمَاسِي . . . فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَجِدُ نَغْمَةَ مَشَاعِرِي مُبْحِرَةً فِي عُمْقِ إِنْسَانِيَّتِي .
مُرَارَةُ قَهْوَتِي تَجْعَلُنِي أَحْيَا وَسَمْرَائِي بِسِحْرِهَا تُوقِظُ فِي كُلِّ شَيْءٍ . . . ! ! ! كِلْتَاهُمَا تَسْتَحِيلَانِ لَوْحَةَ إِبْدَاعٍ ، تَتَدَاخَلُ فِيهِمَا الْأَلْوَانُ وَتَنْسَجِمُ الْمَشَاعِرُ . . .
بَيْنَ قَهْوَةٍ وَسَمْرَاءَ ، أَكْتُبُ قِصَّتِي بِأَحْرُفٍ مِنْ حُبٍّ وَشَغَفٍ ، بَيْنَ عِشْقٍ قَدْ يُفْهَمُ وَقَدْ لَا يُفْهَمُ ، بَيْنَ قَهْوَةِ السَّهَرِ وَسَمْرَاءِ الْأَحْلَامِ . . . لَعَلَّ فِي حَيْرَتِي تَجَلِّيَاتٌ عَمِيقَةً مِنْ الشَّغَفِ ، قَهْوَةٌ وَسَمْرَاءُ تُجَسِّدَانِ رُمُوزًا لِعَالَمٍ مُعَقَّدٍ مِنَ الْمَشَاعِرِ ؛ الْقَهْوَةُ بِتَعْقِيدِ نَكْهَتِهَا ، بِعُمْقِ الرُّوحِ ، بِمَزِيجٍ مِنْ الْمَرَارَةِ وَالْحَلَاوَةِ ، بِشَغَفٍ وَبَحْثٍ عَنْ الْحُبِّ وَالْمَعْنَى . . . وَسَمْرَاءٌ تُجَسِّدُ الْأُنُوثَةَ وَالدِّفْءَ ، تَهْمِسُ لِي بِأَسْرَارِ الْقَلْبِ ، تُشْعِلُ فِيَّ لَهْفَةً قَدْ تَكُونُ أَعْمَقَ مِنْ مَذَاقِ الْقَهْوَةِ . . . هَلْ هَذَا هُوَ الْحُبُّ الَّذِي يَرْبُطُنِي بِهَا ، أَمْ الْجَمَالُ الَّذِي يَأْسِرُنِي حِينَ أَقِفُ أَمَامَ عَيْنَيْهَا ؟
أَنَا عَالِقٌ بَيْنَ سِحْرِ كُلٍّ مِنْهُمَا ، أَبْحَثُ عَنْ تِلْكَ اللَّحْظَةِ الَّتِي تَجْعَلُ قَلَمِي يَتَحَرَّرُ ، وَيَكْتُبُ عَنْ هَذَا التَّدَاخُلِ الْإِبْدَاعِيِّ . . . الْقَهْوَةُ تُعِيدُ إِلَيَّ ذِكْرَيَاتِي ، وَالسَّمْرَاءُ دَافِعِي لِلتَّخَيُّلِ وَالْخَلْقِ . . .
الْقَهْوَةُ وَالسَّمْرَاءُ ، تَجْرِبَةٌ فَرِيدَةٌ فِي حَيَاتِي ، فِنْجَانُ سُكَّرٍ بِلَا سُكَّرٍ ، يُثِيرُ أَحَاسِيسِي ، وَيَتُوقُ لِنَسِيمِ حَلَاوَةِ الْحُبِّ . . . رُبَّمَا أَنَا سَجِينُ الْمَحْبِسَيْنِ ، وَهُمَا رَفِيقَتَا دَرْبِي فِي رِحْلَةِ الِاكْتِشَافِ ، حَيْثُ يَتَعَانَقُ الْإِحْسَاسُ بِالشَّغَفِ مَعَ مَرَارَةِ الْفِرَاقِ ، لِيَخْلُقَ لَوْحَةً فَنِّيَّةً مِنْ الْكَلِمَاتِ الَّتِي لَا تُنْسَى . . . كِلْتَاهُمَا تُوقِظُ فِيَّ ذَلِكَ الْإِحْسَاسَ الْعَمِيقَ ، وَيَجْعَلُنِي أَكْتُبُ بِلَا حُدُودٍ . . .
بقلم : الطَّيْبِي صَابِر ( المغرب )
توثيق: وفاء بدارنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق