صرخة من قلب مدينة مدمرة
النادي الملكي للأدب والسلام
صرخة من قلب مدينة مدمرة
بقلم الكاتب المتألق: عماد سالم ابوالعطا
صرخة من قلب مدينة مدمرة
تتنفس المدينة ألواناً مُتناقضة تنبض بالحياة والموت معاً مزيج من الضجيج والهدوء صراخ الطائرات وهدير القذائف ضحكات الأطفال وأصوات المارة صخب السوق وحكايات العابرين
لوحة فنية ترسم تناغم الحياة بكل تناقضاتها حكايات ألم ومُستقبل مجهول تنطلق من قلبها المدمر
أم سليم زوجة كريمة تعمل مديرة مدرسة عاشت حياة هادئة مليئة بالسعادة مع زوجها أحمد وأطفالها الأربعة في منزل يفيض بالحُب
كانت مثالاً للأم الحنونة والزوجة الداعمة
تبني عائلتها بصبر وحب وتبذل كل ما في وسعها لضمان سعادة أطفالها وازدهار بيتها
لكن القدر لم يكن رحيماً بها
عندما دمرت قذائف الحرب منزلها انقلبت حياتها رأساً على عقب
بين عشية وضحاها وجدت نفسها بلا مأوى تائهة مع أطفالها الأربعة في رحلة شاقة وسط ويلات الحرب
هربت ام سليم مع أطفالها من منزلها المُدمر تبحث عن ملجأ آمن
لم تعرف إلى أين تتجه لكنها كانت مُصممة على النجاة
سارت ام سليم وأطفالها عبر شوارع المدينة المُدمرة باحثة عن ملجأ آمن
واجهت خلال رحلتها العديد من المخاطر والصعوبات
لكنها لم تفقد الأمل في العثور على مكان آمن تعيش فيه هي وأطفالها
لجأت ام سليم وأطفالها إلى مُخيم لجوء على مشارف المدينة
باحثين عن مأوى مؤقت من ويلات الحرب
كان المخيم مُكتظاً بالنازحين
شعرت ام سليم بالامتنان لوجود خيمة تأويهم وأرض ينامون عليها
غمر الحُزن قلبها بعد فقدان منزلها الذي كان يضم ذكرياتها الجميلة
واجهت أم سليم قسوة الحياة في المخيم التى لم تترك لها مجالاً للإهتمام بمظهرها
كان همها الوحيد هو توفير الدفء والطعام لأطفالها
فكانت تُشعل النار بالحطب وتُعد لهم وجبات بسيطة
لم يبق لها سوى ثوب باهت من كثرة الاستعمال تشد به جرحها الغائر مما أدى إلى إهمالها لمظهرها
تلمس ثوبها الباهت الذى يشهد على قسوة الأيام
فقدت أم سليم القدرة على التمييز بين ما يُزينها وما يُخفي عورتها
لم تعد تُفرق بين حذاء رجالي وحريمي
ام سليم امرأة صبورة ومقتدرة لم تستسلم للظروف الصعبة
بيدها الماهرة حولت قطعة قماش ممزقة إلى ثوب جديد
صنعت من الصوف والقطن غطاء دافئاً يقيها من برد الشتاء
استخدمت الخشب والأقمشة لصنع ادوات منزلية بسيطة تُسهل عليها حياتها اليومية
جلست أم سليم أمام نار هادئة تُحضر عليها الطعام وتُدفئ نفسها وعائلتها فى أجواء شديدة البرودة
بدأت تُراقب النار وهي تلتهم كل شيء في طريقها تاركة وراءها رماداً وذكريات مُتفحمة
كانت دموع أم سليم تسيل بغزارة وهي تتذكر ذكريات جميلة ظنت أنها ولت إلى الأبد شعور عميق باليأس والحزن غمر قلبها وكأن كل شيء قد انهار حولها
تحولت مشاعر أم سليم من اليأس والحزن إلى الأمل والعزيمة لمواجهة الحاضر
وأن عليها أن تواجه الحاضر بكل ما فيه من صعوبات وتحديات
لم يكن ذلك سهلاً
لكن أم سليم استمدت قوتها من عزمها على بناء مُستقبل أفضل لها ولأطفالها
بقلم : عماد سالم ابوالعطا
توثيق: وفاء بدارنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق