الخميس، 21 أبريل 2022


***   وردة على ضريح    ***

رابطة حلم القلم العربي 

***  وردة على ضريح    ***

بقلم الشاعر المتألق: محمد رشاد محمود 


***  وَردَةٌ علَى ضَريحٍ -١  ***

  بقلم (محمد رشاد محمود)

رَأيتُهــــا مرأَى الخاطرِ ذاتَ يَــومٍ مــــن ربيــــع عامَ 2004 تحنـو على ضريـــحٍ في قِيـعَةٍ أجْدَبَ من الخريف ، وتنفضُ على سمعِ قاطِنِه نفثاتٍ ظلَّت تَتَسَحَّبُ وقد فضَّ القَفرُ ولُعابُ الشَّمسِ أوراقَها اللُّدنَ ، وانقَضَى - ولَم تَنقَضِ - عُمرُها العابِرُ القصير .

حنَّت على ضفَّــــة التِّـرحـال وانبَـعَـــثَــتْ

رَفَّــافَــــةَ الخَـطــرِ فـي جَبَّــــانَةِ التِّيــــــهِ

وآنَـسَتْ فــي ظِـــلالِ المَــوْتِ وَحْشَتَـــــهُ

أُنــْـــسَ الشِّهَـــابِ دُجونَ اللَّيــْــلِ تُذكيــهِ

لولَا ابْتِـــــدارُ الجَنَى مَا رابَـهَــــــا رَهَــــبٌ

ذَودٌ عَن الــــوَردِ شَــوكٌ في تَصَبِّـــــيـــــهِ 

فتَّــــــانَـــةٌ لِلُـــــعابِ الشَّمـــسِ تَمْحَـضُـهُ

حَسْوَ النَّـــــدَى خَطــــراتٍ مِـنْ تَشَهِّــــيهِ

كـــالخَمْـرِ في الكأسِ إلَّا أنَّهَـــــأ قَبَـــــسٌ

مِنْ فَــوْرَةِ الـــوَجْـدِ نَـــدَّتْ مِنْ تَفَـرِّيـــــهِ

حَمراءُ كَالجَمـرِ وافَـــى هَــامَهَـــا بِــوَحًـى

مُدهَّـــــامُ خُضرَتِهَــــا لو أن خَلَـت تِيهـــي

مِــا ضَرَّ مَنْ قَـــد حَواهُ القَبْـرُ لَـــو زفَـرَتْ

زَفــــرَ اللَّهــــــيفَةِ أنْفـــــــــاسًا تُؤَسِّيــــهِ

رَجَّافَـــــةٌ وغُبَـــــارُ الــرَّمسِ يَمحَضُهـــــا

بَثَّ الضَّجيـــعِ شجونًــــا مِــنْ تَشَكِّيــــــهِ 

تـــأوَّدَتْ فَــــوْقَ جَــــافِيـــهِ وساوَرَهـــــا

مِـــنَ الرِّثَــــــاءِ نُزاءً لَيْــــسَ تُخْفِيــــــــهِ

كَأنَّهــــــا الظِّئــرُ حَنَّـتْ لِلرَّضيعِ شَكَــــــــا

فَـوتَ الـــرَّضاعِ فأحْنَــتْ مَـــا تُخَلِّيـــــــهِ 

وألقَمَتــــهُ رَطيــــبَ الثّــــديِ يَمْصَـــــدُهُ

مَصدَ اللَّهيــــفِ يَدوفُ الرَّسْلَ في فِيـــــهِ

وناوَلَتْــــهُ شِفَاهًــــــــا لَــــو تَرَشَّـفَهَـــــــا 

في النَّزعِ ذو الغُلَّـــــــةِ اللَّهـفانُ تُحييـــــهِ

مــا إنْ دَرَتْ ونُفـَــــاثُ المَوتِ يَحصِبُهــــا

أنَّ البَهَــــاءَ هَبَـــــاءٌ حِيــــنَ يُـذْرِيـــــــــهِ

فاستَعبَرَتْ وقَضَتْ قَهْـــــرًا ورَقرَقَهَــــــــا

لِلتُّـــرْبِ مِثْـــلُ نثــــارِ الـدَّمعِ مُجريـــــــهِ

(محمد رشاد محمود)

.............................................................

تَصَبّت المرأةُ الرَّجُلَ : شاقَتْهُ ودعَتهُ إلى الصِّبا ، فحَنَّ إلَيها .

تَفَرَّى : انْشَقَّ . وتَفَرَّت العَينُ : انبَجَسَتْ .

تؤَسِّيهِ : تُعَزِّيهِ . تَأوَّدَتْ : انعَطَفَتْ .

المَصْدُ : المَصُّ والرَّضاعُ . يَدوفُ : يَخلِطُ ويَبلُّ . والدَّوْفُ : الخَلطُ والبَلُّ بماءٍ ونَحوِه .

الرِّسْلُ (بكَسر الرَّاء المُشَدَّدَة) : اللَّبَن - والمقصودُ : يرضَعُ اللبَن ويخلِطُه بِريقِه مُستَلِذًّا .

توثيق : وفاء بدارنة 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق