*** قسوة الرجل ***
رابطة حلم القلم العربي
*** قسوة الرجل ***
بقلم الشاعرة المتألقة: مريوما كمال
*** قسوة الرجل ***
مازلنا نسمي قسوة الرجل وتسلطه قوة وحزما ورجولة واستكانة المرأة وخضوعها رقة وأنوثة.مازلنا نلبس المفاهيم بعضها ببعض و نسمي الأشياء ليس فقط بغير مسمياتها بل بنقيضها وهذا أدهى وأشد نكرا.
ومازالت النساء يفاجئنني بقبول هذا المنطق والدفاع عنه وإن كن وحدهن المتضررات منه،وإني لأتعجب من نساء يستمرئن المهانة والمذلة ،والغضب الذي يصب عليهن صبا بمناسبة ومن غير مناسبة ووابل الشتائم الذي لايستثنى منه أحد من أصولها وجذورها بدءا بأبيها وانتهاءإلى جدها الثامن عشر، تليها جولة ملاكمة ترسم على عينيها لوحة فنية بديعة هي مزيج من الأزرق والأخضر والقرمزي،وهي في كل هذا راضية مستكينة،لاتثور لها ثائرة ولا تجد في الأمر مايدعو للاستنكار سوى أن زوجها حاد الطبع بعض الشيء،وأن قوة الأنوثة تستدعي الاحتواء والتحمل حتى لا تقوض أركان بيت أفنت سنينا في إعماره ،فتكون كالتي نقضت غزلها من بعد قوة .
هل قلت أتعجب؟ لا لست أعجب فقد قرأت في دراسات نفسية أن الضحية في بعض الأحيان،ترتبط ارتباطا عاطفيا بجلادهاالذي يفقدها كل تقدير للذات،حتى تظن أن ما تعيشه مستحق،وأنها لا تستحق أفضل منه،وقد قرأت أن من العبيد من لازم سيده بعد أن أعتقه،لأنه لا يدري ما يصنع بحريته،ولا ما يفعل بحياته من بعده فأبى إلا أن يظل عبدا.
وهذه هي صورة المرأة الأنموذج في الوعي الجمعي لمجتمعاتنا:الخاضعة التي لا تتمرد،ولا تشق عصا الطاعة على زوجها مهما بلغ من إيذائه لها،بل ويقاس تقديسها لهذا الرباط وتعظيمها لبيتها وأسرتها بحجم ماتتحمله من اضطرابات الزوج النفسية والسلوكية،حتى صارت المرأة ترى أن الإبقاء على العلاقة رغم مافيها من تعاسة أهون من وصمة المجتمع والناس الذين لا يتوانون عن تذكيرها في كل مناسبة بفشلها الذريع في الاحتفاظ بزوج،ثم يلمحون أو يصرحون أن مرد ذلك إلى نقص في الأنوثة والذكاء والخبرة بالرجال،حتى تقتنع هي نفسها بالفكرة لفرط ما تكررت على أسماعها( فكلما تكرر الشيء تقرر). فلا تكتفي بسيوفهم المسلطة على رقبتها حتى تتخذ لنفسها سوطا تجلد به ذاتها،فتغني غناءهم وتكفيهم مؤونة تدميرها بعد أن تكون قد تولت ذلك بنفسها
من منا لم يسمع يوما أن قوة المرأة في ضعفها،وإن كنت أتفق مع هذه القولة في جانب منها ،فما لا يؤخذ بالقوة يؤخذ باللين،وما لا يأتي بالتأمر والإجبار يأتي به سحر الأنوثة ورقتها،إلا أني لا أحب السياق الذي توظف فيه والذي يكرس في الأذهان أن الضعف أحد مميزات المرأة،وهي وإن كانت حقا فقد أريد به باطل،وهذه آفة النصوص حين يتحدث بها اللصوص،لصوص الكرامة ومضطهدي المرأة...
ثم من منا لم يلحظ أن معظم الرجال يقبلون على المرأة الضعيفة،محدودة الطموح،التي تكتفي من الزواج بتلك الواجهة الاجتماعية التي ستمنحها صفة الزوجة والأم، يقبلون عليها لنفس الخلفية الثقافية والاجتماعية السابقة الذكر،وإن كان إعجابهم وتقديرهم ينصرف دائما للمرأة القوية،الشجاعة من غير تهور ،والواثقة من غير غرور، إلا أنه لا طاقة لهم بها،ولا يدع لهم ذكاؤها سبيلا لاستغلالها أواستغفالها، ولا يجدون من الهمة ما يجارون به طموحها حتى إنهم ليستصغرون أنفسهم أمامها، فتبقى المرأة القوية مثل الشهاب الحارق،لا يجرؤ على الاقتراب منها إلا الرجال الرجال،الذين يدركون أن الزواج ليس حربا يختار فيها الجبان منازلة الأضعف ليفوز عليه،وإنما هي شراكة ،والأصل أن يفوز الرجل بالمرأة لا أن يفوز عليها.فيضيف عقلها إلى عقله وشجاعتها إلى شجاعته وقوتها إلى قوته ،فيسمو بها وتسمو به،ويرتقي بها وترتقي به.
بقلم : مريومة. كمال
توثيق : وفاء بدارنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق