*** المحنة. ***
النادي الملكي للأدب والسلام
*** المحنة. ***
بقلم الشاعرة المتألقة: زهراء شاكر الركابي
*** المحنة. ***
عظُمتْ محنةً، وجلَّت مُصاباً
وجرعنا آلامها اليومَ صابا ((١))
محنة أَدّمَتِ العروبة طُرّاً
وأحالت ربع الخلود خرابا
حُمَّ فيها القضآءُ ختلاً وغابا
وطغى الخطبُ في علاها ونابا ((٢))
فَرَتِ القلبَ ، فاستحال ذِماءً
نثلتها العيونُ دمعاً مُذبا ((٣))
يا بلاد الهدى ويا مهبط الوحي
زكت عنصراً ، وقوماً نجابا
كلَّ ما في رباكِ جنة عدنٍ
عذُبتْ منهلاً ، وساغت شرابا
اين منيّ جناتُكِ الخُضرْ خُضْلاً
يتلألأن كالزهور انتسابا ؟!
تُربكِ المسكُ وهو من نفحة الخلدِ
عبيرٌ قد فاح فيكِ وطابا
ونميرُ الخلودِ يجري بأرضيكِ
لجيناً وعسجداً مُنساب ((٤))
فتنة الله قد حباها فلسطين
فتاهت دَلاًّ ، وباهت شبابا
وقباب يمجَّد الله فيها
ما بدا الفجرُ والنهار وغابا
قبَّلت أيدي السماء وظلَّتْ
مشرقَ النور والهدى احقابا ((٥))
أين منيّ تلك القباب الزواهي ؟
أتراها قد اظلمت ؟ ام غضابا؟
ويح نفسي عليكِ يا نبعة الخُلد
ويا رفعة المعالي جنابا
أيُّ خطبٍ دهى ربوعكِ فارتجَّت
مغانيك لوعةً وانتحابا؟
الليالي الملاح حالت كلاحاً
والأماني العذاب عادت عَذابا
وروابي السلام فاضت دماءً
وجنان الخلود آضت يبابا ((٦))
لهف نفسي على النهى والمعالي
في روابيك يستحلن سرابا
عقد الشُّوم فوق ارضكِ سحباً
من خُطوب ، ومن صروفٍ ضباباً ((٧))
ويح نفسي كيف استباحت يد البغْي
علاكِ وقسّمتك نهابا ؟! ((٨))
أم من الظلم ما أصابَك ، والظلمُ
إذنْ لن يصيبَ انىّ أصابا ؟!
بيد الغدر باعك الغرب لؤماً
وخداعاً واغفلوكِ الحسابا
ليس دمعي يجري عليكِ
ولكن هاكِ قلبي جرى ذِماء وذابا ((٩))
يا بني يعربٍ أفيقوا وهبوا
لفلسطين أمةً انجابا
لانريد الحياة الا بعزٍّ
وسوى المجد ليس نبغي طلابا
اوقدوها حمراءَ حرباً ضروساً
تجعل ( الهودَ) نارها أحطابا
واخضبوا البيدَ بالدّما ، والهضابا
واجعلو ( تلّ ابيبَ) تلا خراباً
ثم نُشُّوا دم اليهود عليَها
واجعلوه في راحتيها خصابا ((١٠))
ولتكنْ عبرة لهم يشرق الدمع
بها غُصَّةً ، وتبقى متابا
إنفروا للوغى غِلاضاً شداداً
ورجالاً بسلاً ثقالاً هبابا (( ١١))
قد كفاكم ذا الخطبُ صمتاً مريراً
وسكوتاً على الهوان احتسابا
ضَلَّ قومٌ على المذّلةِ قالوا
حسبنا الله ، نحن نبغي الثوابا
واستكانوا للظلم والهوُنِ والذلّ
وظلوا بين الورى اعقابا ((١٢))
يا دعاة اسرائيل _ فاهاً لفيكم
كم دعا باطلاً وعاراً وعابا ((١٣))
ليس عهدُ ((التلمودُ)) عنكم بنسْيٍ
لا، ولا عهد بابل قد غابا ((١٤))
يوم جاؤا ولا تَسَلْ كيف جاؤا !!
من فلسطين يحتفون الترابا ((١٥))
وتراهم سبعياً الفاً رجالاً
ونساءً وصبيةً أترابا
قيَّدتهم سلاسل من حديد
تركت نارُها عليهم كتابا ((١٦))
مُهطعينَ الرؤوسَ ذُلاًّ وخزيا
يتضاغَون خافضين الرقابا ((١٧))
يومَ شُدوُّا بعضاً ببعض وسيقوا
كقطيع، لكنْ قطيعاً كلاباً !!
لَكأنَّ السياطَ تفري ظهوراً
نَضجتْ منهُمُ وظلَّتْ لِهابا ((١٨))
يا نبيَّ الهدى سلاماً سلاما
طيّبَ النَّشر والشذى مستطابا
يا نبياً هدى الوجودَ ومنْ قدْ
رفع الله في التجلي الحجابا
يا سناءَ الله العليٍِ على الأرض
ويا نوره الكريم انتسابا
عبق المسك من هداكَ عبيراً
وانتشى الكون من شذاكَ ملابا ((١٩))
أجِلِ الطرفَ على أرض فلسطين
تَرَ البيت كيف ضج انتحابا
الثكالى تبكي أسىً واليتامى
تجرع الدمع بالدماءِ عُبابا
و المناحاتُ تصدع الحجر الصلْدَ
التياعاً وحرقةً واكتئابا
ودعاةُ [ الصهيون ] تمشي اختيالاً
شربت من دمائنا الانخابا (( ٢٠))
وتراهم بني فلسطين حتى
تحسَب العرب بينهم أغرابا
يا نبي الهدى سلاماً سلاماً
قد كفانا هذا المصاب عقابا
وادّكرّ يوم قلت في ( اُحْدَ) لن تُعبَدَ
يا رب ان خذلت الصحابا ((٢١))
وفلسطين في الجهاد كاُحْدٍ
ساءَ ما قالهُ الدعاةُ وخابا
وإذا قام للصهايين امرٌ
فلْتغني هندٌ وتدعو الربابا
وعلى الأرض والسماءِ عفاءٌ
وعلى الدين أن يضم الكتابا ((٢٢))
( والليالي يلدن كل عجيب)
ومن الشوم قد ولدن الغرابا !!
((١)) انها المحنة محنة فلسطين العربية ....
((٢)) حم القضاء _ قدرتها
((٣)) فرت _ قطعت . والذماء _ بقية النفس .
((٤)) اللجين والعسجد _ الذهب والفضة
((٥)) احقابا _دهوراً
((٦)) آضت _ امست، واليباب _ هو الخراب.
((٧)) الصروف _المقدرات.
((٨)) نهابا _غنائم.
((٩)) جرى ذماء بالذال _ اي جرى بقية النفس والروح.
((١٠)) نشوا _اخلطوا واسفحوا ، والخضاب – ماتتخضب به الكف.
((١١)) البسل _الشجعان ، والهباب– الخفاف.
((١٢)) استكانوا _خضعوا ، اعقاب _ المتأخرون في اعقاب القوم.
(( ١٣)) فاهاً لفيكم _ هو دعاء بالشر أي جعل الله فم الداهية لفيكم.
((١٤)) التلمود – كتاب العهد القديم المقدس .... وفي البيت أشارة إلى أسر نبوخذ نصر ملك الكلدانيين قديماً .
((١٥)) يحتفون – أي حفاة
((١٦)) كتابا _ اي اثراً وطابعاً .
((١٧)) مهطعين _خافضين، يتضاغون _ اي يتضاورون جوعاً .
((١٨)) تفري _ تقطع ، ولهاباً _ مشتعلة.
((١٩)) الملاب_ نوع من العطر ذكي الرائحة .
((٢٠)) الأنخاب _ يراد أنها شربت بدمائنا أنخابها .
((٢١)) اشارة إلى غزوة احد وقد كاد المشركون فيها يغلبون النبي (ص) واصحابه حتى دعا ربه فاستجاب له فنصره .
(( ٢٢)) الكتاب _المراد به المصحف الشريف
بقلم : زهراء_شاكر_حمادي🖊️
توثيق: وفاء بدارنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق