الأحد، 13 فبراير 2022


***   الشمعدان الفضي   ***

رابطة حلم القلم العربي 

***   الشمعدان الفضي   ***

بقلم الشاعر المتألق:  حفناوي سيد 

***   الشمعدان الفضي  ***

قصة قصيرة

بقلم  : حفناوي سيد

______________________________________________

في ليلة من ليالي الشتاء الباردة

و بينما كنت عائدا إلى البيت

في ساعة متأخرة جدا من الليل

رأيت شيخا في مرحلة متقدمة من العمر

يمشي متباطئ الخطوات

منحني الظهر..

يحمل فوق ظهره جرابا

يشبه جراب جان فلجان

و يجر أمتعة تشبه أمتعة اللصوص

في الروايات القديمة..

اقتربت من الشيخ

وتأملت ملامحه..

كان يرتجف من شدة البرد

أمسكت بذراعه وسحبته نحوي قائلا :

Ou est ce que vous allez par ce froid terrible Monsieur.. ?

L’homme me regarda d’un air moqueur et continua à marcher..

لم ينتبه الشيخ إلى سؤالي

وواصل سيره في الشارع الطويل

جذبته مرة ثانية قائلا :

-تعالى معي سيدي ..

سنذهب إلى البيت..

و دون أن يكلمني

أخذ الرجل يتبعني نحو بيتنا العتيق.

وصلنا الشارع الرئيسي

ودخلنا البيت النائم بين أحضان الثلوج..

لم يضع الشيخ أمتعته فوق البلاط

بل اتجه نحو المدفأة مباشرة ..

تركت الشيخ يمد يديه

نحو السنة النار المشتعلة

ويتحسس الدفء في السنة النار

المتصاعدة نحو سماء المدخنة

أحضرت له قليلا من الحساء الساخن

وقطعة ضخمة من خبز الريف البارد

C’est du bon pain de campagne.Il vous fera du bien

Mangez-en.. !! et buvez cette soupe bien chaude monsieur

حمل الرجل الرغيف بين أصابعه وضمه إلى صدره وقال :

Dieu blanchissez moi cette goinfrerie et cette miséricorde si insensée..Je vous implore indulgence…Pitié maître des cieux..Pitié !!!

رجعت إلى مكتبي بصعوبة

كنت أريد أن أحدث الشيخ عن أشياء كثيرة

لكنه كان يقضم الخبز بطريقة غريبة

ذكرتني بأبطال القصص القديمة

كان ظهره المنحني يذكرني بشخص غريب

قابلته مرة في روتردام

لكنني لم أعد أتذكر اسمه بالضبط

ولا اعرف من يكون..

مدينة روتردام كانت تبدو لي مكانا

غريبا وبعيدا في نفس الوقت.. !!

كنت أجهد نفسي لأكمل كتابة رواية زوجتي المتوفاة

منذ سنة تقريبا..

الرواية لم تنته بعد

ولم تنهها زوجتي قبل وفاتها..

بل كانت تكتب فصولا منها كل مساء

وتجلس في نفس المكان الذي تعودت أن اجلس فيه

بعد موتها..

ماتت زوجتي في ليلة من ليالي نيسان

من العام السادس بعد الألف الرابعة للميلاد..

ماتت قبل أن تكمل روايتها و قبل أن تجد الفرصة لتحولها إلى فيلم طويل طويل .. كما كانت تتصور..

Ma femme rêvait de réaliser un long métrage. Elle écrivait des romans et passait toutes ses nuits à rêver à chercher des personnages dans l’au-delà

زوجتي كانت أستاذة في الأدب العربي

وتدرس في جامعة قريبة من بيتنا

كانت تحلم بجمع ثروة طائلة

لتحقق حلمها المستحيل 

ظل الحلم يراودها منذ الطفولة... 

حتى ماتت ولم تحقق منه شيئا..

اتجهت نحو مكتبها 

ووضعت أناملي فوق لوحة المفاتيح

لأكمل الرواية

كنت اكتب واكتب وأكتب....

بقلم : حفناوي سيد 

توثيق : وفاء بدارنة 




 

هناك تعليقان (2):