الاثنين، 16 سبتمبر 2024


كابوس../ قصة قصيرة

النادي الملكي للأدب والسلام 

كابوس../ قصة قصيرة

بقلم الشاعرة المتألقة:  ليلى المرّاني

كابوس../ قصة قصيرة

 ليلى المرّاني / العراق

شعور طافح بالفرح والخيلاء حدّ الانتفاخ يغمرني حين تردّد أمي متباهيةً أمام جاراتنا، رغم خوفها من عينٍ حاسدة قد تصيبني!

" أوّل ما رأى النور، فتح عينيه بوجه القابلة، بسملتْ مرّتين، ثمّ.. ما شاء الله.. ما شاء الله، ما أجمله

وحين وضعته على صدري ابتسم لها. "

فتردّد النسوة بانفعال.. " ما شاء الله.. تبارك الرحمن "

لازمني هذا الشعور، وتسربلت به حتى ترسّخ في ذهني أن عينيّ الخضراوين الواسعتين هما سرّ إلهي خصّني الله به. أصير بالونًا منتفخًا حين تزور جاراتنا أمّي ما أن تشعر إحداهن بأعراض الحمل، كي تنظر في وجهي.. علّ وعسى؛ فأتعمّد أن أحْوِل عيني، كما علّمتني أمّي كي أتّقي الحسد، أو تخبّئني خلف ظهرها.

حين عودتي من المدرسة في ذلك اليوم القائظ، هرولت خائفًا وأنا أرى إثنين يتبعانني، كنت قد تخاصمت مع أحدهما ومزّقت قميصه، أطبقا عليّ في زقاق ضيّق، دفعاني إلى الحائط، لم أستطع المقاومة، صرخت مستنجدًا، أخرج أحدهما قلمًا من جيبه وصوّبه بكلّ قوّته نحو عيني اليمنى. دارت بي الأرض، غمرني سائل ساخن، صحت بكلّ ما أملك من قوّة، " عيني..عيني " وأنا أراها تتدحرج أمامي، وغبتُ عن الوعي

صوت أمّي يشقّ عنان السماء، " منير.. منير.. عِمت عيني عليك يمّه.. عِمَت عيني عليك يمّه.."

وضعت كفّي على عيني المفقوءة، بكيت، خرج صوتي ضعيفًا، مرتطمًا بجدار الغرفة، وارتدّ عليّ، " عيني.. أمّي أريد عيني."

قفزت من مكانها، احتضنتني باكية، كان أبي واقفًا عند رأسي يمسح دموعًا تساقطت على شاربيه ويبسمل، " الحمد لله يا ولدي.. الحمد لله حبيبي، عينك سليمة لا تخف. غادرته الحمّى اللعينة، كان يهذي طوال الليل والعرق يتصبّب منه. "

ولكنّ عرقًا آخر برائحة أخرى، نتنة كنت  والفراش غارقين فيه.

توثيق: وفاء بدارنة 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق