*** ضَاقَتْ مَخَارِجِي ***
النادي الملكي للأدب والسلام
*** ضَاقَتْ مَخَارِجِي ***
بقلم الشاعر المتألق: د ابراهيم .فاير الشعيبي
*** ضَاقَتْ مَخَارِجِي ***
مِن وَحْي المولد النَّبَوِيَّة الشريف
للشاعر الدكتور ابراهيم الفايز الشعيبي
. العراق — الأنبار
هَجَرْتَ وَفي أرْجَاءِ مَكَّةَ طَائِلُ
وَعَيْشٌ رَغِيدٌ يَجْتَبِيكَ وَنَائِلُ
تَرَكْتَ رَبِيعَ الْعُمْرِ خَلْفَكَ حِينَما
أَرَادُوكَ مَقْتُولًا وَذِكْرُكَ زَائِلُ
وَجِئْتَ الى أَرْضِ الْمَدِينَةِ خِفْيَةً
فَلَاقَيْتَ تَرْحِيباً حَكَتْهُ الْأَوَائِلُ
وَضَمُّوكَ بِالْأَحْضَانِ حَتَّى أَلِفْتَهُمْ
وَغَنُّوكَ بَدْرًا أَكْمَلَتْهُ الْمَنَازِلُ
نَشَرْتَ وَأَيْمَ اللّٰهِ دِينًا وَدَوْلَةً
وَلَمْ يَبْقَ فِي صُلْبِ الْمَدِينَةِ سَائِلُ
— — —
حَيَاتُكَ بَيْنَ الْعَالَمِينَ مَنَاحِلُ
وَذِكْرُكَ عِنْدَ الْخَاشِعِينَ مَنَاهِلُ
وَإنْ رُفِعَ الأَذَانُ ذِكْرُكَ مَاثِلٌ
وَإنْ لَمْ يَكُنْ مَقْرُونَ فِيهِ فَبَاطِلُ
وَمَسْرَاكَ مَشْهُودٌ إلَى الْمَسْجِدِ الَّذِي
عَرَجْتَ وَفِي السَّبْعِ الطِّبَاقِ مَشَاعِلُ
أَمِينٌ عَلَيْنَا مَا تَرَكْتَ وَإنَّمَا
تَرَكْتَ كِتَابَ اللهِ فِيهِ دَلَائِلُ
وَسُنَّةَ خَيْرِ الْخَلْقِ يَجْرِي كِلَاهُمَا
كَمَا الشَّمْسُ تَجْرِي وَالْمَسَارُ مَرَاحِلُ
فَإنْ هِيَ بَانَتْ هَاهُنَا فَلِأَنَّهَا
عَلَىٰ غَيْرِنَا قَدْ غَيَّبَتْهَا الْمَنَازِلُ
وَمَا أُمَّةُ الْإسْلَامِ إلَّا عَوَالِمٌ
بِحَارٌ وَلٰكِنْ لَيْسَ فِيهَا سَوَاحِلُ
وَمَا هِيَ إلَّا جَنَّةٌ عِنْدَ رَبْوَةٍ
يُمَاطِرُهَا طَلٌّ وَإِلاّ فَ وَابِلُ
— — —
رَسُولَ الْهُدَى ضَاقَتْ عَلَيَّ مَخَارِجِي
لِأَبْقَى وَحِيدًا قَطَّعَتْهُ الْمَجَاهِلُ
أُلَاقِيكَ كَيْ أَشْكُوكَ حَالي وَما جَرَى
بِأَرْضِي وما حَلَّتْ عَلَيَّ نَوَازِلُ
وَأَصْدُرُ مَكْسُوفَ الجَّبِينِ لِأَنَّنِي
أَرَى أُمَّةَ الْإسْلامِ عَنْكَ تَخَاذَلُوا
رَسُولَ الْهُدَى شَعْبِي تَقَطَّعَ نِصْفُهُ
وَنَامَ على ثُلْثَيْهِ غُولٌ وَنَابِلُ
وَصَيَّرَنِي قَوْمِي طَرِيدًا مِنَ الْحِمَى
وَما لِيَ مَحْمُولٌ وَلا لِيَ حَامِلُ
أَتَيْتُكَ حَبْواً كَيْ تَرُدَّ حُشَاشَتِي
عِراقِيَّةً طَالَتْ عَلَيَّ الْمَعَاوِلُ
أَرَى كُلَّ مَنْ حَوْلِي عَلَيَّ تَكَشَّرَتْ
نَواجِذُهُ وَاسْتَصْغَرَتْني الْقَبَائِلُ
إذا حَانَ وِرْدُ الْمَاءِ تَأْتِي جِمالُهُمْ
خِمَاصَاً فَلَا تَعْدُوهُ إلَّا حَوَامِلُ
وَلِي إِبِلٌ تَأْتِي عَطَاشَىٰ وَتَرْتَمِي
وَتَصْدُرُ مِن رَّمْضَائِها تَتَحَامَلُ
وَكُنْتُ كَمَاءِ الْمُزْنِ أَرْوِي غَلِيلَهُمْ
وَكَالدُّرِّ مَكْنُونٍ رَمَتْهُ السَّواحِلُ
وَكَانَتْ لِعَزْمِي في النُّفُوسِ مَهَابَةٌ
وَعَقْلِي لَهُ بَيْنَ الْفُنُونِ مَغَازِلُ
فَلَمَّاانْحَنَىٰ ظَهْرِي وَضَاقَتْ مَخَارِجِي
وَعَقْلِي ذَوَىٰ قَدْ قَطَّعَتْهُ الْمَشَاكِلُ
تَقَاسَمَني الْأَدْنَوْنَ حَوْلِي وَلَيْتَهُمْ
غُزَاةٌ مِنْ الْأَعْدَاءِ غَارُوا وَنَازَلُوا
لَقَدْ جَعَلُوا ثَوْبَ الْعُرُوبَةِ سُبَّةً
وَثَوْبَ بَنِي الْإسْلامِ عَاراً يُعَامَلُ
وَسَامُوهُ بِالْإرْهابِ ظُلْمَاً وَغِيلَةً
وَبِالجَّهْلِ أَحْياناً وَمَا فِيهِ عَاقِلُ
وَقَدْ أَخْطَأَ التَّارِيخُ إِذْ قَالَ إنَّهُمْ
مُلُوكٌ إذا سَاسُوا كِرَامٌ مَنَاهِلُ
فَهُمْ حُفْنَةُ الصَّحْراءِ كَانُوا رُعَاتَها
فَبَادُوا وَأَبْلَتْهُمْ دُهُورٌ أَوَائِلُ
— — —
رَسُولَ الْهُدَى ضَاقَتْ عَلَيَّ مَخَارِجِي
وَكُلُّ الَّذي أَخْشَاهُ بَاتَ يُنَازِلُ
وَلَمْ يَبْقَ عِنْدِي ما يَشُدُّ سَوَاعِدِي
وَسَيْفِي نَبَا قَدْ أَتْعَبَتْهُ النَّوَازِلُ
رَسُولَ الْهُدَىٰ مُذْ كُنْتَ كُنَّا عَلَى الْهُدَىٰ
وَبَعْدَكَ ضِعْنَا قَطَّعَتْنَا الْمَجَاهِلُ
أَتَتْكَ رَسُولَ اللهِ مِنِّي رَسَائِلُ
وَحَمَّلَنِي شَعْبٌ إِلَيْكَ وَسَائِلُ
أَتَيْتُكَ مِنْ بَغْدَادَ أَشْكُو خَرَابَهَا
عَلَىٰ كَفِّ عِفْرِيتٍ أَرَاهَا تُقَاتِلُ
وَقَدْ كُنْتُ كَالْبَدْرِ الَّذِي فِي تَمَامِهِ
فَأَصْبَحْتُ كَالْعُرْجُونِ لا يَتَكَامَلُ
وَكَانَتْ لِبَيْتِي فِي الرُّصَافَةِ هَيْبَةٌ
له مِنْ عُلُومِ الْأَوَّلِينَ مَحَافِل ُ
وَكَانَتْ إذا في مَغْرِبِ الأَرْضِ أَمْطَرَتْ
فَمِنْ رَيْعِهَا لِلْمُسْلِمِينَ حَوَاصِلُ
تَلَاشَتْ وَأَضْحَتْ كَالْخَيَالِ ، وَمَا بَقَىٰ
خَجُولٌ ،فَهَلْ يُرْضِيكَ مَا هُوَ ضَاحِلُ
وَبَيٌتُ قَصِيدِي إنْ ذَكَرْتُكَ يَنْحَنِي
لِأَنَّ فُؤادِي عَنْ مَقَامِكَ غَافِلُ
تَنَاثَرَتِ الْأَلْفَاظُ كَيْفَ أَصُوغُهَا
إِلَيْكَ كَحُكْمِ الْفَرْضِ وَهِيَ نَوَافِلُ
فَخُذْنِي وَدَعْ قَبْرِي جِوَارَكَ يَحْتَمِي
فَلِي مُهَجٌ تَبْكِي عَلَيْهَا الْعَوَاذِلُ
.............................................
معاني الكلمات
———————
الطَّائِلُ: السَّعَةُ ، الغِنَى .
النَّائِلُ : ما يُنَال ويُدْرَك.
منازل القمر: مَدَارَاتُهُ الَّتِي يَدُورُ فِيهَا حَوْلَ الأَرْضِ
مَنَاحِلُ: جمع مَنْحَلَة : مكان تربية النَّحل للحصول على العسل
مَناهِلُ : جمع منهل ، ويعني مورد الماء.
رَبْوة : مكان مرتفع .
الطَّلُّ : المَطَر الخفيفُ .
الوابِلُ : المطر الغزير .
الحُشَاشَةُ : بَقِيَّة الرُّوح.
خِماصَاً : ضامرة البَطْن ، ليس في بطونها شيئ .
الغُولُ : تزعم العربُ أَنه نوعٌ من الشياطين
نابل : صاحب النِّبال.
الحبائلُ : الخدائع ، جمع خديعة وتعني المكر والتضليل .
حَوَامل: ممتلئة البطون .
الرَّمْضَاء : أرضٌ أو حجارة حميت من شدة وقع الشَّمس عليها .
السُّبَّة : العارُ.
غِيلَة : خديعة.
حَفْنَة: ملءُ الكفّ أو ملءُ الكفّين من أيّ شيء.
المَجَاهِلُ : الّتي لا يُهتدى فيها .
العُرْجُون: العِذْق ، ما يحملُ التَّمْرَ ، وهو من النَّخْل كالعنقودِ من العنب.
النوازل : الشدائد .
بيتي : المقصود به بيت الحكمة وهيَ أول دار علمية أقيمت في عمر الحضارة الإسلامية، أُسِّسَت في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد، واتُّخذَ من بغداد مقراً لها
ضَاحِلُ : قليل الماء .
مُهَج : جمع مُهْجة ، والمُهْجَةُ من كلِّ شىءِ : خالِصُه .
.........................................………..
توثيق: وفاء بدارنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق