الأربعاء، 9 أبريل 2025


بين ملوحة اللقاء وحنين المدى

النادي الملكي للأدب والسلام 

بين ملوحة اللقاء وحنين المدى

بقلم الشاعرة المتألقة: أثينا عبد الرحمن 

بين ملوحة اللقاء وحنين المدى

أنا والبحرُ أصدقاءُ منذُ أن

غفَتْ على زندي السما وتنهّدَ الزمنُ


نجلسُ في صمتِ الغروبِ كأنّنا

طفلانِ يجمعُنا الحنينُ وما فتنْ


أبثّهُ أسراريَ الزرقاءَ من

قلبٍ إذا ما ضاقَ أفصحَ وامتحنْ


وأراهُ يمسحُ بالنسيمِ مواجعي

ويُعيدُ لي صوتَ الحياةِ إذا وَهَنْ


كلّ الشواطئِ في يديهِ مرسَمي

والصوتُ في أعماقهِ وترٌ وحننْ


علّمتُهُ لغةَ العيونِ فكلّما

سكَتَ المدى قرأَ الشعورَ وما دُفِنْ


لا يسألُ: "لِمَ الحزنُ؟" بلْ يمضي معي

صوتًا وظلًّا في السكوتِ وفي العَنَنْ


أنا والبحرُ... لا قولٌ يفسّرُ عهدَنا

هو فيّ وأنا فيهِ حينَ يطولُ الشجنْ


... ولحظةُ وداعٍ


لكنْ... أتى يومُ الوداعِ فكدتُ أن

أبكي على كتفِ المدى لو يُؤتَمنْ


همستُ: "يا بحرَ الهوى، هل تذكرُ الـ

أحلامَ؟ هل تذكرْ خطايَ على السفنْ؟"


فانسابَ موجُهُ مثلَ دمعٍ ضائعٍ

يروي حكاياتِ الغيابِ لمن سكنْ


قبّلتُ ملوحةَ الجبينِ كأنّهُ

وجهُ الحبيبِ إذا توارى واحتَزَنْ


قال: "ارجعْ فالصمتُ بعدكَ مقفِرٌ

والأفقُ دونكَ لا يغنّي لا يُغَنّْ"


فمضيتُ والبحرُ الكبيرُ ورائيَ

ينزفُ نداءً... لا يُردّ ولا يُهَنّْ


... ووعدُ اللقاء


لكنّ قلبي ما استطابَ رحيلَهُ

فكتبتُ فوقَ الموجِ: "ألقاكَ... حِينَن!"


وتركتُ ظلّي في الشواطئِ واقفًا

كي لا يكونَ البحرُ وحدهُ مُؤتمَنْ


إنّي سأرجعُ... حينَ يدعوني الندى

حينَ يُغنّي الفجرُ في صدري علنْ


أنا والبحرُ إنْ افترقنا برهةً

فالروحُ لا تنسى ولا تهوى البدنْ


سيظلّ ما بيني وبينهُ موثّقًا

بالشوقِ بالذكرى وبالدفءِ الكَمَنْ


فإذا التقينا ذاتَ يومٍ عائدٍ

عادَ القصيدُ وعادَ صوتُ المُؤتَمَنْ...

      بقلم: أثينا عبد الرحمن

توثيق: وفاء بدارنة 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق