الخميس، 28 ديسمبر 2023


(( لاتطرقِ الباب ))

النادي الملكي للأدب والسلام 

(( لاتطرقِ الباب ))

بقلم الشاعر المتألق: غزوان علي 

(( لاتطرقِ الباب ))

لا تطـــرقِ البابَ صبراً أيّها الرَّجلُ

  ها أنتَ تنزفُ والأحبابُ ما سألوا

عيناكَ تنظرُ للغيمــــاتِ مِنْ عطشٍ

    وفوقَ جرحِكَ مثلَ الملحِ هم هطلوا

تمرُّ نهراً منْ الأحـــــزانِ منكسراً

      وصوتُ لهفتهِ بالمـاءِ يشتعـلُ

ما زلتَ تسكبُ عشقَ القلبِ قافيةً 

 تزمُّ بالآهِ تلـــــو الآهِ تبتهـــلُ

قبَّلتَ وجهَ الجــدارِ اليومَ منتحباً  

وتسألَ الدَّارَ أهلُ الدَّارِ مـا فعلـوا

وكنتَ تبكي وكانَ الدَّمعُ أضرحةً 

 لا شيءَ فيها سوى الحِرمانِ يقتتلُ

وكنتُ ترقبُ خيطَ النُّورِعنْ كثبٍ

     بهِ عيونُكَ قبلَ المــــوتِ تكتحـلُ

وكنتَ تسألُ هلْ ناموا وهلْ سهروا

    وهـــلْ بأحلامِهم يأتي لكَ الأمــــلُ

وهلْ إذا سمروا فـي ليلهِم طــرباً 

  مرُّوا بذكــــرِكَ والأجفانُ تنهمــــلُ

وربَّما يضحكـــونَ الآنَ في فــــرحٍ 

  أو يلمزونَكَ لـو في يومِهم ثملـــوا

هم مزَّقوا القلبَ فاعتادتْ أصابعُهم 

  تلزُّ فيكَ سهامُ الغـــدرِ يا رجـــلُ

لمنْ ستقرعُ والأبوابُ موصــــــدةٌ

   تعودُ تطـرقُ حتَّى انتابكَ الخجـلُ

وكنتَ تطــــرقُ والأبوابُ صامتةٌ

    يكـــادُ مزلاجُهــا بالكفِّ ينفصـلُ

وعـدتَ تنظرُ والأعتابُ موحشـةٌ 

  وظِــلُّ شخصــكِ بالأعتاب ِمنشتلُ

وترسمُ القلبَ بالحيطانِ محترقاً 

   تكادُ مِنْ حزنِهـا الحيطانُ تنفعــلُ

تخطُّ في الأرضِ إسماً كنتَ تعشقهُ   اساقطت ألمـــاً مِنْ فوقـهِ المقــلُ

ورحتَ تسألُ عن أخبارهِم كمِداً

      يضيقُ صدرُكَ ماضاقتْ بكَ السُّـبلُ

لاترقبِ النَّجمَ ما للنجمِ مِنْ خبر 

 لا تسألِ اللَّيلَ أنَّ اللَّيــلَ منشغـــلُ

للآنَ تصــــــرخُ يالله مِـنْ لهـفٍ

 إذ قلتَ آهً فمـــا ردُّوا ولا خجلـوا

كأنَّهــــمْ كلَّهمْ صمٌّ وقد خرســـــوا

    همْ والزَّمانُ عليكَ النَّارُ والأسلُ

وفيكَ تصحو وتغفو ألألفُ موجعةٍ

       وتشربَ الكأسَ فيها السُّمُ يعتملُ

أغروا قلوباً من الأزهارِ رقَّتَهـــا

     لكنَّها حينَ مالتْ نحوهم رحـلوا

يا موقفاً حزَّ بالأجفانِ دمعتَهـــــا

     لما انحنيتَ على الجدرانِ تنسدلُ

أقسى الدُّموعُ دموعٌ ليسَ نذرفُها  

 أقسى الجراحُ جراحٌ ليسَ تندمـلُ

لو كانَ في قلبِهم طيبٌ ومرحمةٌ

       لما رموكَ وعادوا الآنَ واحتفلـوا

ضيَّعتَ عمرَكَ باللوعاتِ تحرقُهُ

         كانتْ خطاكَ على الأشواكِ تنتقـلُ

وكمْ غزلتَ لظى الأشواقِ أغنيةً

     تذوبُ في لحنِها لـو مسَّك الزَّعلُ

ياطارقَ البابِ ما بالبابِ من أحدٍ 

 فمن تنادي عليكَ الآنَ ما نزلــوا

ولترحم الكفَّ لا تدمي أناملَهــا

      تلكَ الأناملُ فيها الوجــدُ يبتهــلُ

لاتطرقِ البابَ تدري أنَّهم غدروا 

  واربأ بنفسِكَ لو أعيتْ بكَ الحيلُ

......................

شعر ورسم / غزوان علي

توثيق: وفاء بدارنة 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق