*** سيدة المدائن والظلال ***
رابطة حلم القلم العربي
*** سيدة المدائن والظلال ***
بقلم الشاعر المتألق: فتحي فايز الخريشا
***★ سيدةُ المدائِنِ والظّلال ★***
يا سيدةَ المدائِنِ والظّلالِ ..
رفاتا من ضحايا جئتكِ ..
ركبت الريح إليك ..
عبر أمواج الأوجاعِ النارِيَّةِ ..
عبرت القفار وأهوالَ المجازرِ الدموِيَّة ..
حاملا قلبِي المخضَّر بالجُروح والمقرح بالمِلحِ الأجَاجِ ..
دموعي المحترقة بالألمِ الصارخِ في وجهِ الشّرور والطغيان ..
أنين الأجساد الملتصقة بالعظام ..
إليك جئت حاملا قلبي المكلوم على أكُفِّ الرجاءِ مستنجدا بالخلاص ..
وهَا أبواب أسوارك دوني أوصدت ..
يطردني حراسك الأشداء ..
فلِمَنْ أحملُ أنَّات ملايين المستضعفِين في قبضةِ القهر والهلاك ..
لِمَنْ أحملُ رعشاتِ كدح الفقراءِ المنتحبة بالشّقاءِ ..
إذا ما أشحتي ظهرانِيًّا يا سيدة المدائِن والظّلال ..
لِمَن أرفع رآية المستضعفِين إذا مَا أطرفتِي عنِ النداءِ ..
عن ندهات المعذبِين في الأرض تحت قبّة عينيك الواسعتِين ..
أنتِ المخلصة للملايين من الاِنسِحاقِ على عتباتِ اِستِبدادِ الحيفِ ..
خلاصهُمْ من نيرانِ الاِستِغلالِ وكلِّ حميمِ بلاء ..
من أنيابِ الوحوشِ وسطوةِ الفجار ..
من متاهاتِ قفارِ اليَهماءِ ..
فهيّا ٱشعلي الشّمسَ هداية ضِيَاءٍ للتائِهين ..
ٱسمحي للأراضي الخراب أنْ تنبت القمح وتخرج الثمار ..
للأبنية المقوضة أنْ تنهض من أنقاضِ الخرائِبِ والدمار ..
ٱسحبي السمَّ من الدماء ..
ٱنتزعِي الخناجر الغادرةَ من الأكبادِ ..
ٱرفعِي السيوفَ الحاقدةَ عن الأعناقِ ..
وكوني أنت حلم المساكين لحقيقةِ الآمال ..
كوني في ظلالِ النورانيِّين الحكماءِ رسل الصدقِ ظلا ظليلا ..
لبين أيديهم ينبوع الماءِ القراح ..
ألآ ٱنهضِي من غفوتِكِ وٱفتحي لي ذراعيك لِرواء عناق ..
ٱخرجي معي بنورِكِ الحقيقِي مشرقة على كلِّ المدائنِ في الأرض ..
وكوني أنتِ بحقٍّ سيدةَ المدائِنِ والظّلال ..
كوني أنت بحقّ القلعة والمأوىٰ ..
فمتىٰ تنهضين من رقادِكِ تحيي في الحياةِ نبض الإشراق ..
تملئين الأرض بصرخاتِ التمردِ والعصيان ..
متحدية أشباح أخيلةِ الليلِ والمدن النائمة على حدِّ سيوفِ الأشرار ..
بأنك حرة عائدة كما كنت سيدة لا تضام ..
فهَا حبيبتي ينبعثُ الضٍّياءُ من سكونِ القبورِ وشقوقِ الصخُور ..
من الوديانِ المنسِيَّةِ والقرىٰ الحزِينةِ والنُّفُوسِ التائِهَة ..
من المدن الأسيرة في قبضةِ التسلط والظّلم ..
تنبعث أنوار الإِنسانِيَّة أفياضًا من نضرةِ روحِ الإنسان ..
وأحبَّة السلام يمتطون صهوة الريحِ وموجَ البحار ..
يملأون ليالي الظلامات بالمشاعلِ والأقمار ..
فمتى يا أيَّتها الأرض ..
يتوهج فيك الأفق ..
تنظف مدائِنك من الزّيفِ والأدران ..
تشرق شمسك المدفونة تحت أسوار اللّاهِين ..
ولا يعود القمر حزينا يمطر دموع الحسرات وتأوُّهات الآلام ..
فالناسُ إيهٍ يا أرضُ فيكِ أثقلتهُم أوصابُ القيودِ ..
أثقلهُم طول الصَّمت ..
وإيهٍ يا مدينتي ناسك لطخهم الهوان والطاعة العمياء ..
التكسر على عتبات الغرباء مصاصي الدّماء ..
أعياهُمُ الاِنطِفاء في عباءاتِ الظلمةِ والعجرِ والشقاء ..
أعياهُمُ التعفر على آديمِ كلِّ ترباءٍ ولدعجاءِ الآفاقِ الاِلتِجاء..
مسلوبو أصل الهويَّة وأجنح الحرية ولا حقّ لهُم في رقِي وجود..
منفيون في أرضِهم بلا عنوان كأنّهُم نار خامدةٌ ونثار رماد ..
كأنهُم حشرات يعيشون ويموتون كفقاعاتِ الهواءِ وأزْبَادِ الغثاءِ ..
فٱنهضي من رقادك يا مدينة الحياةِ ..
يا سيدة مدائن التّاريخ والحريّة والسلام ..
أبناؤكِ أضْناهُم إليكِ الٱشتِيَاق ..
فليكن النور لنا مِنكِ والنهوض ونضوج الثّمَار ..
ٱنبعثي إيهٍ يا سيدة المدائِن والظّلال من رقادكِ ..
فالأحرار الكواملُ على دربِ الإِنسَانِ يسيرون ..
وها أنا ذا أسمع تباشير فجرهم تنهد إليكِ من بين أضْلُعِكِ..
فٱنهدي إليهم حنانيك بكلِّ محبةٍ وخيرٍ من فيضِ تحنانِ ألطافك ..
فقد آن الأوان لكسر القيد وكلّ قيد .. .
شعر : المهندس فتحي فايز الخريشا
من ديوان ( غربة الٱنتماء )
توثيق : وفاء بدارنة


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق