الاثنين، 14 أكتوبر 2024


قهوة بعد منتصف الليل 

النادي الملكي للأدب والسلام 

قهوة بعد منتصف الليل 

بقلم الشاعر المتألق: طه هيكل 

قهوة بعد منتصف الليل 

بعد يوم  عمل شاق 

عاد إلى بيته 

لم يفكر في طعام  ولا شراب 

وهو الذي  أجل  الغذاء  إلى أن يعود إلى بيته 

كان يمر على الإدارات  الموكول أمرها إليه 

أرقه الضجر 

أقض مضجعه السهر 

لم يتناول حبوب الأعصاب 

شعر بيديه  ترتجف  بلا إحساس  ببرودة  

شفتاه  ترتعشان 

تنميل بنصف خده 

خشي  على  نفسه  أن يعاوده  المرض 

الطبيب  منعه  من  التدخين  والقهوة  وكل المنبهات 

لم  يلتزم  أوامر  الطبيب

شعر بالإرهاق 

 النوم يداعبه  

وهو يعاند 

لم يتناول الأدوية 

الوساوس  تطارده 

اثنا عشرة ساعة  مرت عليه  بدون فنجان  قهوة 

غفا  قليلا   ولم ينزع  ملابس  العمل 

 كيف مر يومه   في العمل  ؟ 

لايدري 

كل مايتذكره  أنه لم  يطلب من ساعي المكتب  أن يصنع له قدحا من القهوة  

لم يعد  يطيق  أن يشربها من يد غيره 

شعر بصداع  مفاجئ 

لابد  أن يشرب  قهوة 

عاد إلى المنزل منهكا 

دخل  المطبخ  تلفت  يمينا  ويسارا  

بحث  عن كيس القهوة  الذي  تركه  أمس  في مكانه 

أين  ذهب  

ومن دخل  المطبخ  في  غيابه 

البيت  كما تركه  

المطبخ  لم يتغير فيه  شيء 

كل شيء في مكانه  

ماعدا القهوة 

فتح كل الأدراج  بعنف  وأغلقها  بعنف

  أشد 

أين  وضع كيس  القهوة 

خرج  مسرعا  إلى الصالون  ربما يكون

 قد نسي  ووضعه  على الطاولة 

لا  ليس  هنا 

 فتح  الهاتف  واتصل  بابنه  الذي  ذهب  عند  أمه  ليزورها   كما  تعود  بعد  انفصالها  عن  أبيه  

اليوم  الخميس   واعتاد  على المبيت  مع  أمه 

هاتفه  قائلا   أين  القهوة  يا مروان ؟

قهوة  ايه  يابابا 

أنت  نسيت  أنها خلصت  من  كم  يوم   وأنت  أقسمت  لن  تشربها  بعد اليوم 

عادت  له  ذاكرته 

فجأة  قرر أن يشتري كيس جديد 

نزل مسرعا عند البائع  على ناصية  الشارع 

متلهفا   على شراء  القهوة 

صعد السلم  بطريقة  جنونية  

أعد الماء  ووضع  القهوة

في الوعاء  وفكر  مليا وهو  يقلب  القهوة 

ماذا  أفعل ؟

هل  أصبحت  عبدا  للقهوة  

تلك اللعينة  التي  ترهقني  وتؤرقني

 وتقض  مضجعي ؟

 عاند   وجاء  عند  الموقد ليشعل  النار 

فوجئ بانتهاء عبوة  الغاز 

ونسي  أنه  تكرر  معه  نفس  الموقف

  أمس  مساء   واليوم  صباحا 

إنه  ينسى  كثيرا  

نسي   أنه  صائم 

ما  أبشع  النسيان 

بقلم : طه هيكل

توثيق: وفاء بدارنة 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق