الأحد، 14 سبتمبر 2025


*** الهروب من الحلم  ***

النادي الملكي للأدب والسلام 

*** الهروب من الحلم ***

بقلم الشاعرة المتألقة: نور شاكر 

قصة قصيرة 

*** الهروب من الحلم  ***

بقلم: نور شاكر 

كانت نائمةً على سريرها الضيق، يتناوب الليل على أنفاسها، ويغطي جسدها بهدوءٍ موهوم لكن عالمًا آخر كان ينتظرها خلف جفونها المغلقة

رأت نفسها في بيتٍ قديمٍ من خشبٍ متآكل، سقفه من قشٍ مهترئ يتدلى كأنه على وشك السقوط. المكان كله مظلم ومخيف، وفي إحدى غرفه كانت مقيدة اليدين والقدمين، محاصرة بجدرانٍ تنبض رعبًا شعرت بأن البيت كله يتآمر على روحها، وأنّ الظلام يزداد ثِقلاً مع كل نفس

وفجأة، دخلت عليها امرأة ترتدي السواد، وجهها مشوّهٌ مخيف، هي ذاتها المرأة التي اعتادت أن تزورها في أحلامها، لتقيّدها وتمنعها من النجاة

 لم تستطع الفتاة إلا أن ترتجف، لكن شيئًا في داخلها قاوم، فحاولت أن تفك قيودها وبعد صراعٍ طويل، تحررت أخيرًا

أخذت تبحث عن مخرج، قلبها يطرق صدرها كطبولٍ في معركة، حتى وجدت نفسها في الخارج كانت الشمس تميل نحو الغروب، والحقول من حولها صفراء جافة، وكأنها لوحات موتٍ معلقة على الأرض شعرت بالخوف ينهشها، وظلت تركض وتركض دون أن تدري إلى أين

في الطريق، ظهر شاب بسيط الثياب، واقفًا قرب بئرٍ تحيط به أعواد القش، كأنّه خرج من قلب الأرض نظر إليها بهدوء وقال:

ـ اخرجي من هذا الطريق… تابعي إلى الأمام.

كانت كلماته كنافذةٍ انفتحت في جدار الخوف، فتابعت ركضها حتى وقفت أمام قصرٍ قديمٍ مهجور، أعمدته شاهقة وجدرانه عابسة داخل القصر لم يكن سوى لوحة ضخمة لِمنظرٍ طبيعيٍ معلّقٍ على جدار، لكنها حين تأملت المكان أحست بظلٍ ثقيل يراقبها من الأعماق اجتاحها رعبٌ جديد، فهربت منه مسرعة

ركضت حتى وصلت إلى شارعٍ عام، حيث السيارات تمرّ والناس يعيشون بطمأنينةٍ لم تُدركها منذ بداية الحلم توقفت، تنفست بعمق ابتسمت بلا سببٍ واضح، وكأنها عادت أخيرًا إلى الحياة

وفي تلك اللحظة، فتحت عينيها كانت ما تزال على سريرها، العرق يغمر جبينها، وقلبها يخفق كأنه يطارده شيء غير مرئي أدركت أنّ كل ما رأته لم يكن سوى حلمٍ ثقيل، لكن أثره ظلّ عالقًا في صدرها، يذكّرها بأن بين النوم واليقظة مسافةً لا يقطعها سوى خيطٍ رفيع من الأمان.

بقلم : نور شاكر 

توثيق: وفاء بدارنة 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق