الثلاثاء، 8 أبريل 2025


*** صَلَاةُ العِشْقِ ***

النادي الملكي للأدب والسلام 

*** صَلَاةُ العِشْقِ ***

بقلم الشاعر المتألق: م.فتحي فايز الخريشا 

  *** صَلَاةُ العِشْقِ ***

ترَاءَتْ لِي وأَنَا فِي المِحرَابِ عَلَىٰ سَجَّادَةِ الصَّلَاةِ،

وَأَنَا بَيْنَ يَدَي رَبِّي فِي سُكُونِ اللَّيْلِ أُنَاجِيه وأُصَلِّي،

فمَا فرَغْتُ مِنْ صَلَاتِي حَتَّىٰ أَجْرَيْتُ عَلَيْهَا تَسَابِيحَ العِشْقِ،

تَسَابِيحَ تَشْعِلُ الشَّوقَ لِلِّقَاءِ بجَمرِ الحَنِينِ لَهَا قلبِي بالنَّارِ يَتوَّقد،

كَأَنَّنِي شَمْعُ المَعبَدِ يَذُوبُ فِي صَحنِ المَوقِدِ،

كَأَنَّنِي نَارٌ تَشُبُّ مِنْ رَمَادِ الوَلَهِ لِتُضِيءَ أَرجَاءَ قُبَّةِ المَسْجِدِ،

رَأَيْتُ فِي سُجُودِي نُورًا مِنْ فيضِ حُبِّهَا فصرتُ لهَا أتهَجَّد،

نَفْسِي عَلَىٰ سَجَّادَةِ الصَّلَاةِ تَتَنَّسَمُ مِنْ أَردَانِهَا شذا العِطرَ مِنهُ نَسمَةَ الحَيَاةِ أتنفَّس،

لُبِّي يَرتَشِفُ مِنْ شَهْدِ مُعَاسِلِهَا صَافِي العِرفَانِ،

رُوحِي فِي هَوَاهَا تَتَّسِعُ كَفَضَاءٍ مَا لَهُ مِنْ حُدُودٍ وبالنُّجُومِ تتوَّهَج،

أفئِدتِي تمتلأُ بإِشْرَاقِ الضِّيَاءِ،

تَرَاءَتْ لِي وَأَنَا فِي المِحرَابِ أُصَلِّي فَنَاجَيْتُهَا بِأنوار رُوحِي قَبْلَ أَنْ يَتَمْتِمَ لِسَانِي لها بالرَّجَاءِ،

أَرسَلْتُ إِلَيْهَا أَجْنِحَةَ الدُّعَاءِ تَحمِلُ حَنِينِي عَبْرَ ظِلَالِ ضَوءٍ ذابِلٍ يَتَرَاقَصُ عَلَىٰ جِدَارِ مِحرَابِ المَعبَدِ بِرَسْمِهَا الأخَّذِ،

أَيَّتُهَا السَّاكِنَةُ فِي مِحرَابِ القَلْبِ،

أَيَّتُهَا المَنْقُوشَةُ فِي صَلَوَاتِ عِشْقِي،

يَا نُورًا أَشْرَقَ عَلَىٰ أَحدَاقِ الأَهْدَابِ،

يَا وَردَةً أَزْهَرَتْ فِي صَحرَاءِ الفُؤَادِ،

لَكِ نِدَاءَاتُ الرُّوحِ بِحَرَارَةِ مُنَاجَاتي،

لَكِ صَلَاتِي يَا مَعشُوقَتِي بِتَرنِيْمَةِ حَيَاتي،

ضِيَاؤُكِ آيَ الإِشْرَاقِ فِي ظُلُمَاتِ النَّفْسِ ولكُلِّ الوُجُودِ إحيَاء،

يَا لِسَكْرَةِ العِشْقِ فِي شِرَاعِ يَقَظَةِ التَّأَمُّلِ،

كَأَنَّنِي أَطُوفُ فِي عَالَمٍ نُسِجَ مِنْ جَمَالِ أَطْيَافِ نَقوَاءِ الأضْوَاءِ،

عَالَم تَصفُو فِيهِ الرُّؤَىٰ بِلَا تَمْوِيهٍ وكَذِبٍ وإِخْفَاء،

يَا لِلْمَكَانِ حَولِي كيف يَشْتَعِلُ بِالضِّيَاءِ،

يَتَهَادَىٰ فِي مِحرَابِ القَلْبِ كخيُوطِ سَناءِ النُّورِ فِي سَمَاءِ الوِجْدَانِ،

يَهْمِسُ لِلرُّوحِ بِحَقِيقَةِ المَحَبَّةِ الَّتِي لَا تَتَوَارَىٰ خَلْفَ حُجُبِ الٱختِبَاءِ،

يَا نُورَ حُبِّهَا يَهِيمُ بِي وَيَأْخُذُنِي حَيْثُ حَقِيقَةُ الهَناءِ،

حَيْثُ حَقِيقَةُ الحُبِّ تَتَعَرَّىٰ تَحتَ شَلَّالِ النُّورِ عَنْ ظُلْمَةِ الصَّنَمِ والغبَاءِ،

حَبِيبَتِي سِرُّ الجَلَالِ المُسْتَتِرُ فِي سَكِينَةِ الوُجُودِ وصَمتِ الفناءِ،

هِيَ المُعلَنُ مِنْ شَاهِدِ الجَمَالِ عَنِ التَّعَلُّقِ بِأَوهَامِ الغَيْبِ علىٰ أعتابِ الطَّلسَمَاءِ،

هِيَ صَدَىٰ الأَزَلِيِّ المُجَنَّحُ فِي اَبَدِيَّةِ الإِنشَاءِ،

نَبْضُ الكَونِ المُتَسَامِي مِنْ بَذْرَةِ الحَيَاةِ للنَّسمَةِ الرَّوحَاءِ،

هِيَ سَجْدَتِي فَوقَ أَجْنِحَةِ الحُرِّيَّةِ وَتَحتَ قُبَّةِ السَّلَامِ،

لَقَد سَجَدْتُ فِي هَيْكَلِ مَعشُوقَتِي حَتَّىٰ وَجَدتُ كِيَانِي بذاتِهِ كُلَّهُ نقاءً في صَفاء،

أَبْحَرتُ فِي بَحرِ هَوَاهَا حَتَّىٰ رَسَوتُ عَلَىٰ شَاطِئِ يَقِينِي بلا أوهام ظنونٍ تلفها لفائِفُ الرُّتيلَاءِ،

فَلَئِنْ كَانَ العِشْقُ صَلَاةً فَهِيَ قِبْلَةُ مَصلَاتِي،

هي نُسْكُ مَحيَايَ وَغُربَةُ مَمَاتِي،

فَلَيْسَ العِشْقُ إِلَّا مِرآةً لِلإِخْلَاصِ،

ولَئِنْ كَانَ الوَجْدُ دُعَاءً فَهِيَ رَجَائِي،

فَلَيْسَ السُّجُودُ إِلَّا النُّهُوضَ مِنْ قُيُودِ الحَيْرَةِ لِلْٱنعِتَاقِ،

هِيَ الوَصلُ الَّذِي أَنشُدُهُ حِينَ أَرفَعُ كَفَّيَّ نَحوَ السَّمَاءِ،

هِيَ الٱنْفِصَالُ الَّذِي يَدفَعُنِي لِلْبَحثِ عَنْهَا فِي كُلِّ صَلَاةٍ لِلْعِنَاقِ،

لَكَأَنَّنِي دُونَ حَبِيبَتِي كَمَا السَّالِكُ المُتَقَعددُ عَلَىٰ الأَثَرِ لَا يَرَىٰ وَجْهَ الحَقِيقَةِ عَبْرَ مُترأرِئِ السَّرَابِ،

لَا يَرَىٰ الحَقِيقَةَ مُرتَدًّا عَنْ مَسَارِ الخِدَاعِ والٱسْتِعبَادِ والٱفتِرَاء،

لَكَأَنَّنِي دُونَ مَعشُوقَتِي التَائِهُ وَسْطَ أَموَاجِ الضَّبَابِ،

يَا لَحَبِيبَتِي أَعمَقُ مِنْ ثَوَابِتِ الخُشُوعِ فِي بَحَارِ الٱهْتِدَاءِ،

أَمتَنُ مِنْ رَوَابِطِ فَضَاءَاتِ السُّبَحَاءِ،

تتجلىٰ سَامِية في ميزانِ الذَّاتِ فوق الٱنتِصَارِ وسُرُورِ الهَناءِ، 

فوق الٱنكِسَار وحُزْنِ الشَّقاءِ،

تتجلىٰ في مقامٍ لا يُرىٰ إِلَّا بِبَصِيْرَةٍ تنكرُ ضَبَابَ الأغْبَاشِ وأخيلةَ الظِّلالِ،

فَكَيْفَ لِي إِلَّا أَنْ أَتْلُوَ فِي مِحرَابِهَا تَسَابِيحَ العِشْقِ بهَيْبَةِ الجَلَالِ، 

إِلَّا أن أكون أنا هُو العاشِقُ المُتيَّمُ للحقِيقةِ الخلصَاءِ،

حبيبتي أنتِ الحقِيقةُ الكَامِلةُ النَّورَاء،

أنتِ حيَاةُ لطائِف النُّورِ وضِيَاءَاتِ كلِّ صَفاء.

    من ديوان حديقة النُّور لمؤلفه :     المهندس فتحي فايز الخريشا ( آدم )

توثيق: وفاء بدارنة 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق