الخميس، 9 يناير 2025


*** أنين الذكرى. ***

النادي الملكي للأدب والسلام 

*** أنين الذكرى. ***

بقلم الشاعر المتألق: رفعت رضا 

بقلم شاعر رفعت رضا

*** أنين الذكرى. ***

قد طُفتُ بين أبياتِ الشعرِ

وما وجدتُ بيتًا يشفي ما بي من جُرحِ

وقد شاقتِ الحياةُ على العبيدِ

وما تضرعوا للهِ طلبًا للغفرانِ


أظهرتِ الحياةُ بما عندها من حِيَلٍ

وقد ضاق الفؤادُ من الأحزانِ

فقد عشقَ القلبُ وغفى عن الصعوباتِ

فكيف لي أن أنسى ذكراكِ؟

وقد نُقِشَت على الجدرانِ


فعن الخصالِ التي بُنِيتِ، كيف أنساكِ؟

وعن العينِ، كيف تتوبُ عن الأنظارِ؟

قد وصفتُكِ بأبياتٍ، وخجلَ القلمُ

عن كتابةِ الأوصافِ


قد كنتِ سهمًا أصابَ الكبدَ

وما كان سهمًا من عدوٍّ

بل أكبرَ الآلامِ


فما فعلتِ بي؟ وقد أصابني الهَذَيانُ

قد هرمتُ بطريقِ للبحثِ

وما وجدتُكِ بين نجومِ الليل

وقد كنتِ نجمةَ النهارِ


نوَّرتً لكلَّ تائهٍ ما عدايَ

فسالَ الدمعُ يسألُ عن مكانكِ

وما وجدَ جوابًا غيرَ السُّكاتِ


سُكاتُ ساكتٍ باكٍ، يرثي الذكرياتِ

لقد بوحتُ للنجومِ عمّا بي من ألمٍ

وقد باحت نجومُ الليلِ بأسراري

وسألت: كيف لجرحٍ أن يشفى بلا دواءِ؟


وكيف للقلبِ أن ينزع حبًّا

قد صار في الفؤادِ نقشًا كالوشاءِ؟

يا نجمتي، يا سيّدةَ الأحلامِ

قد كنتِ لي نورًا في عتمةِ الأيامِ


فكيف أخفي شوقًا أشعلَ النيرانَ؟

وكيف أنسى قلبًا قد صار كالبركانِ؟

قد ضاق بي الليلُ، وهمسَ الهوى

يسألني: أين صبرك على الأحزانِ؟


فما وجدتُ جوابًا إلا أنينًا

يحاكي الروحَ في ظلمةِ الأزمانِ

أيا زهرةَ العمرِ، يا نسمةَ الربيعِ

قد كنتِ للحياةِ معنى وللشدو بديعِ


فكيف لي أن أغضَّ الطرفَ عن ذكراكِ؟

وكيف أعيشُ في دنيا قد غابت رؤاكِ؟

قد كانت الأحلامُ في عينيكِ واحةً

واليوم صارت سرابًا في المدى البعيدِ


فأبكيكِ يا سيّدةَ الألحانِ

وأدعو الله أن يحفظَكِ في كل مكانِ

فيا ليتني أعودُ يومًا إلى لُقياكِ

أستقي من عينيكِ الأملَ والرجاء


لكنني أعيشُ حائرًا في شتاتِ

أكتبُ الشعرَ وأحيا على الذكرياتِ


أقص للأطفال روايتي 

وقد بكي الأطفالِ من كثرة الأحزانِ

و ما رق فؤادكِ لتري عبداً قد ابتُليا 

أشد ابتلاءً و كُتب عليهِ الفراقِ


و خُيرَ فاختر السكاتِ

يا أطباء العالم كيف لي الشفاءِ

و قد عُلم المرض و جُهل كل الامصالِ


قد عجزتُ عن وصفِ ما يثقلُ الفؤادَ

وكأنَّ الكلماتِ تخشى مواجهةَ السوادِ

فما لي أُصارعُ شبحَ الذكرى وحدي

وقد كان حبُّكِ قيدًا، وما منهُ انفكاكُ


يا زهرةَ العمرِ، قد كان لقاؤكِ عيدًا

واليومَ صرتُ وحيدًا أُكابدُ الوعيدَ

سألتُ الطيورَ عنكِ، فجاءني النحيبُ

كأنها مثلي، قد أضناها المغيبُ


أكتبُ الشعرَ بحرقةِ عاشقٍ مُنهزمٍ

وقد أُنهكتُ بحثًا بين حلمٍ وحُطامِ

تُرى، هل تذكرين أيامنا؟

أم أنَّ الذكرى باتت للغريبِ؟


أيا نجمةً أضاءت ليلَ السماءِ

كيف خبا نوركِ في عينيَّ فجأةً؟

أكان الوداعُ قدرًا مكتوبًا؟

أم أنَّ الأقدارَ تخشى اللقاءَ؟


إني أدعو ربَّ السماواتِ ليلًا

أن يرحمَ قلبًا قد أضحى أسيرًا

فما طاب لي ليلٌ منذ غيابكِ

وما عرفتُ من الأحلامِ سبيلا


يا ساكنةَ القلبِ، قد أغلقَ بابي

وملأتِ وحدتي بصدى صوتكِ الغائبِ

فكيف أُشفى من عشقٍ قد أغرقني؟

وكيف أحيا بين بحرٍ وأعاصيرِ؟


قد ظننتُ أنّ الصبرَ ملجأٌ للروحِ

لكنّه صار نارًا تزيدُ الجروحِ

فأين منكِ الدواءُ يا سيدتي؟

وأين منكِ الحياةُ؟ أم أعيشُ في الأشباحِ؟


أكمُنُ في ظلالِ الليلِ كعابرِ

أبحثُ عنكَ في وجوهِ المارينَ

فلا أرى إلا طيفًا يهربُ

وصدى النداءِ: "أينكِ؟" يئنُّ حزينًا


قد كُتبتِ في روحي كقصيدةِ عشقٍ

لكنني أنا الورقُ الذي أُحرقَ

فكيف أُحيي حرفًا قد فنى؟

وكيف أُعانقُ طيفًا قد اختفى؟

بقلم : رفعت رضا 

توثيق: وفاء بدارنة 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق