*** قصةقصيرةجدا! ***
النادي الملكي للأدب والسلام
*** قصةقصيرةجدا! ***
بقلم الشاعر المتألق: علي سيف الرعيني
*** قصةقصيرةجدا! ***
بقلم : علي سيف الرعيني
اليمن
تطل علينا براسها الفواجع من زوايا مختلفه ..ويباغتنا الموت ..بين اياما واخرى ..ياتي ويغيب علينا اغلى الاحبه ..ويفقدنا عزيزواخ وصاحب
تمضي الايام لكنها تحمل بانقضائها
ومرورها ..حظوظ ومتاعب ..وتجلب احيانا معها الغلايب ..والحكمةهي الصبروالقبول بما اراده الله !وهنا
وبلسان حال ..الزوجة التي تحكي قصة زوجها الذي ابتلع الحزن بداخله ..ليحتويه وحده !!عندموت ولده !!!
ظهر رغم كل المشاكل التي واجهته وتغلب عليها ومع قدرته العجيبة على تخطي العقبات لم يستطع أن يتخطى البكاء يبكي كطفل لأسباب عاديه تمس مشاعره، أو تلامس جرحاً قديماً آلمه، رغم بكائه لا يزال صلباً في مواقف الشدة لا يهتز للصدمات، بل يهز الصدمات فينبهها بأنها لن تؤثر فيه ولن يجعلها المستفيد الأوحد بل سيستفيد منها، الصدمات التي مرت أكسبته الصبر والجلد والقوة والحنكة التي يواجه بها تعقيدات الحياة ومشاكلها دون ما إطالةتفكير يستنتج بشكل سريع ويعود لواقعة منتصراً .
عندما مات أبني لم تدمع عيناه، كنا جميعاً نبكي بحرارة فهو الابن الأكبر الذي تعودنا عليه والذي أعددناه ليشاركنا مشاكل وهموم الحياة ويخفف عنا وطأتها عند الكبر، لم يبكي أقسمت ابنتي أن أباها لا يحب أخيها احمد أو بمعنى آخر لم يشعر بالحزن على وفاته رغم كل الحب الذي كان يبديه، لم ألحظ على زوجي أي شيء سوى أن أول يوم لوفاة احمد كان واجماً لا يتكلم ثم عاد لطبيعته فكان يتحدث معي ومع بناته وبعد أسبوع من هذا الحادث جاءني يمازحني فصرخت في وجهه
أين تلك الدموع التي تبديها عندما ترى موقفاً مؤلماً ألم يؤلمك موت ولدك؟؟
لم يرد !! أدار وجهه ورحل لعنته ألف مرة وآلاف اللعنات أرسلتها للسماء حين رحل ، ألا يشعر بما نشعر من ألم وضيق وكدر، الهموم التي سقطت على رؤوسنا بسبب وفاة ابننا الوحيد وهو لا يشعر .
لحقت به شددته من ثوبه سألته: أين دموعك؟ أجب، لم يلتفت لم يعرني اهتماماً فتشبثت بثوبه وأخذت ابكي التفت إلي أخيراً وقبلني على رأسي كعادته فحدثته بلسان ثقيل خالطه البكاء ألا تشعر بفقد ابنك، نظر إلي وهز رأسه بمعنى انه يشعر
مر الأسبوع الثاني ولم ألحظ شيء إلا أن كلامه قل لكن ابتسامته الصامتة لم تفارق شفتاه ولا يحب أن ينظر إلى وجوهنا، جاء الأسبوع الثالث وكنا نجلس معه وهو منشغل بكتاب وكنا نـحدثه فيهز رأسه أنه يسمع ما نقول، ثم اسند رأسه إلى الكرسي وأغمض عيناه فرأيت فيه ما لم أره قط وكأنه يذبل .
شغلت عيناي بشيء أخر لكيلا أعكر عليه غفوته التي لم أتعود عليها ولم أرها من قبل .. أردته أن يرتاح أو يريحني من نظراته التي يظن أنها تنسيني ولدي لكن فضولي دفعني أن اذهب إليه فقمت من مكاني ومشيت بتباطؤ ، فكلنا ملأنا الضيق منه بعد وفاة احمد، ولما اقتربت منه بدا شاحب الوجه كسته الصفرة أصابني الرعب وأمسكت يده فإذا بها باردة ، انقبضت أنفاسي وتسارعت يداي إلى وجهه اقلبه وأناديه خالد ، خالد ، فكان رأسه يتأرجح بين كفي كوسادة خفيفة لا تسكنها الروح صرخت بكل صوتي
خالد ، خالد
التفتت نحوي بناتي وتراكضوا ماذا حصل فسقطت عند قديه ابكي وهو لا يشعر بنا تداركت كبرى بناتي الأمر فاتصلت بالإسعاف ورافقناه إلى المستشفى وحينها عرفنا ماذا أصابه .. ضعف عام وانهيار عصبي حاد ، بسبب الحزن الذي لم يرد أن نشعر به في فقد احمد مكث في المستشفى أسبوعان وعاد بعدها إلى منزله غريباً لا يتكلم إلى ما ندر ولا يأكل إلا القليل فهو يمشي لا بل يتحرك كالريشة يحركه الهواء، خيال إنسان ما إن نلتفت عليه نجده يبكي في صمت تفضحه دموعه نحدثه فلا يرد إلا بكلمات أو يهز رأسه ويبتسم ابتسامة صامته . وذات يوم كنت أرافقه إلى الطبيب حذرني بأنه لو بقي على تلك الحالة فسوف ينهار ولا يستطيع أن يستنتج ما سوف يصيبه ولم يختلف ظن ذلك الطبيب كثيراً فبعد يومان اتكأ على نفس الكرسي ومسك نفس الكتاب ثم رفع رأسه وأسنده على كرسيه وأغمض عيناه إلى الأبد مات خالد هماً على ولده وقد اتهمناه انه لم يحزن عليه أبدا أتعرفون ما الكتاب الذي كان يقرأه ، عفواً القصة التي يقرأها، قصه مدرسيه من كتب احمد كان قد ملأ الحواشي بحروف وقليل من النكت والكثير من الشعر وبعض الواجبات التي كان يجب أن يفعلها نعم هي أشبه بمذكرات أو ملاحظات كان يكتبها ابني ويبكيها زوجي فمات الأول وترك كلماته ورحل الثاني وهو يقرأها..
بقلم: علي سيف الرعيني
توثيق: وفاء بدارنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق