*** نانا والمستقبل. ***
الأكاديمية الدولية لائتلاف رابطة حلم القلم العربي للأدب والسلام
*** نانا والمستقبل. ***
بقلم الشاعر المتألق: جرجس لفلوف
*** نانا والمستقبل. ***
تقول نانا القادمة من ملجأ الأيتام للعمل كمدبرة منزل لدى إحدى العائلات
مر اسبوع على إقامتي الجديدة في بيت أبو وحيد .كنت انهي أعمالي واعود إلى غرفتي سجينة داخل ذاتي حتى كان صباح يوم دخلت السيدة غرفتي ونظرت إلى وجهي مليا ثم قالت:
لماذا أنت حزينة يا نانا الست سعيدة في العيش معنا? الست مرتاحة في العمل عندنا? قلت:
انا سيدتي لا افرق بين السعادة والبؤس ولا بين الفرح والحزن ولا اعرف ما لون أي منهما فأنا لم أرى في حياتي سوى لونا واحدا. عقلي مغلق لا اعرف من اين ابدا وإلى أين سانتهي.لا فرق عندي بين الضحك والبكاء ولا بين الليل والنهار قالت:
البداية من هنا أمامك فضاء واسع تتعرفين فيه على كل الألوان. تنشقي هواء الصباح النقي تريحين صدرك ثم باشري عملك ضاحكة تريحين أعصاب عقلك وليكن الكتاب صديقك وقت فراغك تملئين راسك بالعلم والمعرفة وهي غذاء العقل والمكتبة مفتوحة أبوابها لك. قومي بنزهة في الحديقة وتكلمي مع زملائك هذا ينسيك الماضي ويمنحك فرصة التفكير في المستقبل ويملئ وقتك بما يفيدك ونحن مستعدون لمساعدتك في كل ما تطلبين .قلت:
شكرا سيدتي على نصائحك. أتوق للخروج من سجن ذاتي إلى فضاء كثيرا ما أحلم به وينتهي الحلم بسؤال لا جواب له.قالت:
انظري إلى ذاتك بعين ذاتك وتصرفي وفق ما يقوله لك عفلك على ضوء ظروفك هنا وليس على ضوء ظروفك الماضية. وحضنتني مربتة بيديها على كتفي وذهبت إلى عملها وذهبت إلى عملي الذي استغرق نهاري كاملا
عدت إلى غرفتي وخلدت الى النوم وكلام السيدة يؤرجحني بين ماض نهاره مظلم وليله مكفن بأوراق مبللة بالدموع ومطرزة بخيوط الحزن وحاضر أشعلت السيدة فيه شمعة تساعد على الخروج من نفق الماضي بسلام ومستقبل تتراقص صوره في خيالي مضطربة كامواج البحر تغرد كعصافير الغابة ثم تحلق في الفضاء الواسع ثم تعود إلى اعشاشها مزهوة سعيدة فهل يمكن أن أخرج من عمق المحيط عروس بحر تحب الحياة.? لماذا بدأ عقلي ينبض بعد أن كان متوقفا رافضا الحياة?وتوقفت الاسئلة بعد ولادة نجمة الصبح وبدأت تولد الاجابات ساعة فساعة ويوما بعد بيوم
مضت عدة أشهر جعلت خلالها من الكتاب صديقا ومن الحديقة معلما سياحيا ومن العمال اصدقاء ومن أصحاب البيت اهلا وتغيرت نظرتي للحياة ونبتت بزور الأمل بتغيير الواقع. زودني الكتاب بمعارف ومعلومات والرفاق بالمحبة والثقة والسيدة شجعتني على المتابعة وبدأت تدعوني إلى ندواتها وتاخذني معها للمشاركة في نشاطاتها خارج المنزل وتمتنت صلتي بالسيد وحيد الذي شجعني على الدراسة وإذا رغبت في التقدم لنيل شهادة الكفاءة فهو سيأتي بالكتب ويساعدني لنيلها
كان لهذا الجو الجديد دورا أساسيا في تبدل كل شئ في حياتي ؤبدات أرى النور يضئ طريقي كيفما اتجهت وبدأت اتناسى الاحساس بالضعة والدونية وبدأت احس إنسانيتي وحقي بالعيش الكريم وبدأت اتعرف على الحياة والناس وطبائعهم وأفكارهم واحلامهم وكيف يقيمون علاقاتهم مع الآخر واجمل ما قمت به حوارات أجريتها مع أناس التقيتهم كانت مفيدة جدا لي ومن هنا بدأت الخطوة الأولى في بناء مستقبلي حتى نلت شهادة في الطب النفسي وتابعت حياتي في معالجة المصابين بهذه الأمراض ومساعدتهم على تجاوز آلامهم وأوضاعهم كما تجاوزت آلامي وأوضاعي المأساوية
بقلم : جرجس لفلوف سورية
توثيق:.د وفاء بدارنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق